responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 16
وَالْقَرِيبَةِ وَعَلَى تَسْلِيمِ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ فَلَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِ السَّبَبَيْنِ مِنْ فَسَادِ الْهَوَاءِ وَطَعْنِ الْجِنِّ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ فُقَهَائِنَا إنَّ الْوَصِيَّةَ أَيَّامَ الْوَبَاءِ وَلَوْ مِنْ الصَّحِيحِ تَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِأَنَّ الْهَوَاءَ قَدْ فَسَدَ فَالْأَبْدَانُ كُلُّهَا مُشْرِفَةٌ عَلَى التَّغَيُّرِ وَالْفَسَادِ وَإِنْ لَمْ تَحُسَّ بِذَلِكَ وَكَلَامُهُمْ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ فَسَادَ الْهَوَاءِ لَهُ دَخْلٌ وَإِنْ كَانَ طَعْنُ الْجِنِّ لَهُ دَخْلٌ أَيْضًا وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَجْعَلُ لِتَسَلُّطِ الْجِنِّ عَلَى الطَّعْنِ أَمَارَةً وَهِيَ فَسَادُ الْهَوَاءِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا صُورَتُهُ مَا تَقُولُونَ فِي مَسْأَلَةٍ وَقَعَ فِيهَا جَوَابَانِ مُخْتَلِفَانِ صُورَتُهَا صَحْرَاءُ وَاسِعَةٌ يَسِيلُ مَاؤُهَا إذَا أَتَى الْمَطَرُ فِي بُسْتَانِ جَمَاعَةٍ وَفِي الصَّحْرَاءِ الْمَذْكُورَةِ مَقْبَرَةٌ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ مَنْ أَرَادَ الدَّفْنَ فِيهَا فَلَا مَانِعَ لَهُ وَلَيْسَتْ مَوْقُوفَةً فَدُفِنَ فِيهَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ فَهَلْ يَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ مَدْرَسَةً أَوْ قُبَّةً أَوْ تُرْبَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ لِيَنْتَفِعَ الْحَيُّ وَالْمَيِّتُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا وَلِيَتَمَيَّزَ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ وَيَكْثُرُ زُوَّارُهُ وَالتَّبَرُّكُ بِهِ أَوْ لَا؟
أَجَابَ الْأَوَّلُ فَقَالَ يُكْرَهُ الْبِنَاءُ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ بَلْ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ شَهَابُ الدِّينِ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ ابْنِ كَجٍّ مِنْ التَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مِلْكِهِ وَغَيْرِهِ لِلنَّهْيِ الْعَامِّ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الِابْتِدَاعِ بِالْقَبِيحِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَالسَّرَفِ وَالْمُبَاهَاةِ وَمُضَاهَاةِ الْجَبَابِرَةِ وَالْكُفَّارِ وَالتَّحْرِيمُ يَثْبُتُ بِدُونِ ذَلِكَ اهـ جَوَابُ الْأَوَّلِ؟
وَأَجَابَ الثَّانِي فَقَالَ يَجُوزُ الْبِنَاءُ فِي الصَّحْرَاءِ الْمَذْكُورَةِ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا أَنَّ هَذِهِ الصَّحْرَاءَ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَوَاتِ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْعِمَادِ إنْ كَانَتْ أَيْ الْمَقْبَرَةُ مَوَاتًا لَمْ يَحْرُمْ الْبِنَاءُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً جَازَ الْبِنَاءُ فِيهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ الْأَمْرُ.
الثَّانِي أَنَّ الْإِمَامَ بَدْرَ الدِّينِ الزَّرْكَشِيّ نَقَلَ فِي الْخَادِمِ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَرَفِ الدِّينِ الْأَنْصَارِيِّ كَلَامًا طَوِيلًا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَرَافَةِ ذَكَرَ فِي أَثْنَائِهِ أَنَّ السَّلَفَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - شَاهَدُوا هَذِهِ الْقَرَافَةَ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى مِنْ الزَّمَانِ الْمُتَقَدِّمِ وَبُنِيَ فِيهَا التُّرَبُ وَالدُّورُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَعْصَارِ لَا بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ قَالَ وَقَدْ بَنَوْا فِيهِ قُبَّةَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَدْرَسَتَهُ وَهَكَذَا سَائِرُ الْمَزَارَاتِ إلَى آخِرِ كَلَامِ الشَّرَفِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ عَدَمَ تَحْرِيمِ الْبِنَاءِ فِي الْمُسَبَّلَةِ قَالَ وَإِذَا لَمْ يَحْرُمْ فِي مُسَبَّلَةٍ لَمْ يَحْرُمْ فِي مَوَاتٍ وَمَمْلُوكٍ بِإِذْنِ مَالِكِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى قَالَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ.
الثَّالِثُ أَنَّ الْحَاكِمَ قَالَ فِي مُسْتَدْرَكِهِ إثْرَ تَصْحِيحِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ الْبِنَاءِ وَالْكَتْبِ عَلَى الْقُبُورِ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهَا فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ شَرْقًا وَغَرْبًا الْبِنَاءُ عَلَى قُبُورِهِمْ وَهُوَ أَمْرٌ أَخَذَهُ الْخَلَفُ عَنْ السَّلَفِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فَيَكُونُ إجْمَاعًا الْأَمْرُ الرَّابِعُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ هُوَ فِي الْوَصَايَا عَنْ الشَّيْخَيْنِ مِنْ غَيْرِ اعْتِرَاضٍ عَلَيْهِمَا جَوَازَ الْوَصِيَّةِ لِعِمَارَةِ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِيهَا مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهَا وَقَالَ أَعْنِي الْإِمَامَ الْأَذْرَعِيَّ فِي الْوَقْفِ بَعْد نَقْلِهِ هَذَا الْكَلَامَ قُلْت وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ الْوَقْفِ عَلَى عِمَارَةِ هَذَا النَّوْعِ وَيَخْتَصُّ الْمَنْعُ بِغَيْرِهِ وَعَلَى جَوَازِ الْوَقْفِ عَلَى قُبُورِ أَهْلِ الْخَيْرِ الْعَمَلُ اهـ الْمَقْصُودُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الْأَذْرَعِيِّ.
وَقَدْ ذَكَرَ هُوَ أَيْضًا فِي الْوَصَايَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالْوَقْفَ إنَّمَا يَجُوزَانِ فِيمَا يَكُونُ قُرْبَةً عِنْدَ الْمُوصِي أَوْ الْوَاقِفِ الْأَمْرُ الْخَامِسُ أَنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ أَئِمَّتِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ ذَكَرَ كَلَامًا حَسَنًا يُؤَيِّدُ جَوَازَ الْبِنَاءِ فَقَالَ قُلْت ذَكَرُوا صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ لِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِهَا قُبُورَ الْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِحْيَاءِ بِالزِّيَارَةِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْوَسِيطِ وَالْإِحْيَاءِ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْبِنَاءِ عَلَى قُبُورِ عُلَمَاءِ الدِّينِ وَمَشَايِخِ الْإِسْلَامِ وَسَائِرِ الصُّلَحَاءِ وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ ذَلِكَ حَمْلًا عَلَى الْإِكْرَامِ قَالَ وَفِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْإِمَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا يَدُلَّ عَلَى جَوَازِ الْبِنَاءِ كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَالْإِحْيَاءِ بَلْ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ لِوُجُودِهِ فِي جَمِيعِ أَمْصَارِ الْإِسْلَامِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَالَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وُلَاةِ أُمُورِ الدِّينِ إنْكَارٌ فِيهِ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ مَعَ عَدَمِ الشَّكِّ فِي تَمَكُّنِهِمْ مِنْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ السُّؤَالُ فَمَا الْمُرَجِّحُ

نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست