قال:
هذه هي المعرفة.. وبها يمكنك أن تصاحب من تشاء، وبها يمكنك أن تعرف أسرار الصداقة
الحقيقية.
ثم
أخذ يردد بصوت جميل:
قلوب العارفين لها عيون
ترى مالا يري للناظرين
وألسنة بأسرار تناجي
تغيب عن الكرام الكاتبين
وأجنحة تطير بغير ريش
إلى ملكوت رب العالمين
هزتني
كلماته وإنشاده؛ فقلت، وأنا ممتلئ طربا، وقد زالت عني كل تلك الآلام التي عاينتها
عند ترددي على من ذكرت لك من الشعراء المتشائمين: لا شك أنك أنت الذي كنت أبحث
عنه.
قال:
أجل.. فأنا الذي كلفت بأن أكشف لك أسرار الصداقة.. فلا يمكن لأحد أن يعرف الحياة،
ولا أن يتنعم فيها دون أن يعلم هذا السر.
قلت:
فهل كان ما تحدثني عنه من هذا السر؟
قال:
أجل.. كنت أحدثك عن أشرف صداقة، وأعظم صداقة، وأكرم صداقة.. ومن ظفر بها فلن يذوق
طعم الوحشة حتى لو هجره الخلق جميعا.
قلت:
أتقصد صداقة الغيب؟
قال:
بل هي صداقة الشهادة.. فالغيب غيب المحجوبين، أما الذين امتلأوا بالأسرار
القرآنية، وأنوارها القدسية؛ فإن الحجب ترفع عن أعينهم ليصبح الغيب عندهم شهادة،
والملكوت عندهم ملكا.
صحبة الله:
قلت:
فمن أول أصدقاء الغيب؟
قال:
ما هو أعظم الأسماء في القرآن الكريم، وأكثرها تكرارا؟