responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 144
[فَصْلٌ الشِّرْكُ وَالْكِبْرُ]
فَصْلٌ
الشِّرْكُ وَالْكِبْرُ
فَلَمَّا كَانَ الشِّرْكُ أَكْبَرَ شَيْءٍ مُنَافَاةً لِلْأَمْرِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ لَهُ الْخَلْقَ، وَأَمَرَ لِأَجْلِهِ بِالْأَمْرِ، كَانَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ.
وَكَذَلِكَ الْكِبْرُ وَتَوَابِعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ الْخَلْقَ وَأَنْزَلَ الْكِتَابَ لِتَكُونَ الطَّاعَةُ لَهُ وَحْدَهُ، وَالشِّرْكُ وَالْكِبْرُ يُنَافِيَانِ ذَلِكَ.
وَلِذَلِكَ حَرَّمَ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ، فَلَا يَدْخُلُهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ.

[فَصْلٌ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ]
فَصْلٌ
الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَيَلِي ذَلِكَ فِي كِبَرِ الْمَفْسَدَةِ: الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَوَصْفُهُ بِضِدِّ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَهَذَا أَشَدُّ شَيْءٍ مُنَاقَضَةً وَمُنَافَاةً لِكَمَالِ مَنْ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، وَقَدْحٌ فِي نَفْسِ الرُّبُوبِيَّةِ وَخَصَائِصِ الرَّبِّ، فَإِنْ صَدَرَ ذَلِكَ عَنْ عِلْمٍ فَهُوَ عِنَادٌ أَقْبَحُ مِنَ الشِّرْكِ، وَأَعْظَمُ إِثْمًا عِنْدَ اللَّهِ.
فَإِنَّ الْمُشْرِكَ الْمُقِرَّ بِصِفَاتِ الرَّبِّ خَيْرٌ مِنَ الْمُعَطِّلِ الْجَاحِدِ لِصِفَاتِ كَمَالِهِ، كَمَا أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِمَلِكٍ بِالْمُلْكِ، وَلَمْ يَجْحَدْ مُلْكَهُ وَلَا الصِّفَاتِ الَّتِي اسْتَحَقَّ بِهَا الْمُلْكَ، لَكِنْ جَعَلَ مَعَهُ شَرِيكًا فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، يُقَرِّبُهُ إِلَيْهِ، خَيْرٌ مِمَّنْ جَحَدَ صِفَاتِ الْمَلِكِ وَمَا يَكُونُ بِهِ مَلِكًا، وَهَذَا أَمْرٌ مُسْتَقِرٌّ فِي سَائِرِ الْفِطَرِ وَالْعُقُولِ.
فَأَيْنَ الْقَدْحُ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْجَحْدِ لَهَا، مِنْ عِبَادَةِ وَاسِطَةٍ بَيْنَ الْمَعْبُودِ الْحَقِّ وَبَيْنَ الْعَابِدِ، يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِعِبَادَةِ تِلْكَ الْوَاسِطَةِ إِعْظَامًا لَهُ وَإِجْلَالًا؟
فَدَاءُ التَّعْطِيلِ هَذَا الدَّاءُ الْعُضَالُ الَّذِي لَا دَوَاءَ لَهُ، وَلِهَذَا حَكَى اللَّهُ عَنْ إِمَامِ الْمُعَطِّلَةِ فِرْعَوْنَ، أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى مُوسَى مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ أَنَّ رَبَّهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ، فَقَالَ: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ - أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [سُورَةُ غَافِرٍ: 36 - 37] .
وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ فِي كُتُبِهِ عَلَى الْمُعَطِّلَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ.

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست