responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 471
2- في الاقتصاد:
لم يكن النظام الإقطاعي متمشيا مع الدين الرباني في صورته ومضمونه، ولا كانت فيه أي ذرة من العدل، وإن كانت الكنيسة أوهمت الناس أنه هو النظام الرباني الدائم الثابت الذي لا يتغير؛ لأن أوضاع الناس فيه هي الأوضاع التي قدرها الله منذ الأزل ورضي عنها، واقتضت مشيئته أن يظل الناس عليها إلى الأبد، وأنه من رضي بما فيه من هوان ومذلة وشظف ومشقة فقد استحق من الله الجنة والرضوان!
ولكن الناس حين خرجوا من الدين على خط العلمانية لم يستبدلوا بالإقطاع ما هو خير منه، سواء في الرأسمالية أو الشيوعية, بل ظلوا ينتقلون من جاهلية إلى جاهلية حتى هذه اللحظة، وكلما حاولوا أن يصلحوا الظلم جاءوا بظلم جديد، وهذا هو شأن البشر دائما حين يشرعون لأنفسهم ويرفضون الهدي الرباني، ينقسمون أولا إلى سادة وعبيد، سادة في أيديهم المال والسلطان، يشرعون، وحين يشرعون فإنهم يضعون القوانين التي تضمن مصلحتهم وتسخر الآخرين لهم، وعبيد ليس في أيديهم مال ولا سلطان، فلا يشرعون، إنما يقع عليهم ما يضعه السادة من تشريعات، ويسخرون -رضوا أمم أبوا- لمصلحة أصحاب السلطان.. ومن جهة أخرى يصيبهم الخبل والاضطراب والتخبط نتيجة القصور البشري والجهل البشري والعجز عن الإحاطة والعجز عن رؤية المستقبل الذي ينبني على الحاضر. نعم، ولكنه مع ذلك غيب لا يمكن التنبؤ به عن يقين.
ولم يكن الإقطاع -كما أسلفنا- نظاما ربانيا، ولا كانت فيه ذرة من عدل.. ولكن النفوذ الذي كان للدين على القلوب -مع كل ما كان في ذلك الدين من تحريفات، وفي أهله من فساد- كانت له جملة من الآثار في أهل الريف الأوروبي الذي يعيش في ظل الإقطاع. فمن جهة كان عند الناس "أخلاق" يتعاملون بها، مستمدة من تعاليم ذلك الدين، وكانت هذه الأخلاق أبرز ما تكون في قضية العفة الجنسية وقدسية الرباط المقدس بين الزوجين، وكانت كذلك تشمل حسن الجوار وترابط أفراد المجتمع عن طريق التزاور والمجاملات الاجتماعية، ومن حهة أخرى كان في نفوس الناس رضى وقناعة تجعل الحِمل العصبي الذي يعانونه محتملا في النهاية رغم سوء الأحوال الاقتصادية إلى أقصى حد.. وما بنا أن ندافع عن الظلم المتمثل في الإقطاع، ولا حتى عن الرضى

نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 471
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست