responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 524
وَالْآدَمِيُّ أَكْمَلُ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَبَعْضُ مُتَأَخِّرِينَ صَرَّحَ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ تِلْكَ الْمَعَانِيَ فِي قَلْبِ الرَّسُولِ، وَخَلَقَ الْعِبَارَةَ الدَّالَّةَ عَلَيْهَا فِي لِسَانِهِ، فَعَادَ الْقُرْآنُ إِلَى عِبَارَةٍ مَخْلُوقَةٍ دَالَّةٍ عَلَى مَعْنًى مَخْلُوقٍ فِي قَلْبِ الرَّسُولِ.
وَيَعْجَبُ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ نَصْبِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَقَالَ: مَا نُثْبِتُهُ نَحْنُ مِنَ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ لَا تُنَازِعُنَا فِي ذَلِكَ، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّا نَحْنُ نُسَمِّيهِ كَلَامًا وَهُمْ يُسَمُّونَهُ عِلْمًا وَإِرَادَةً، وَأَمَّا هَذَا النَّظْمُ الْعَرَبِيُّ الَّذِي هُوَ حُرُوفٌ وَكَلِمَاتٌ، وَسُوَرٌ وَآيَاتٌ، فَنَحْنُ وَهَمَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ، لَكِنْ هُمْ يُسَمُّونَهُ قُرْآنًا، وَنَحْنُ نَقُولُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْقُرْآنِ أَوْ حِكَايَةٌ عَنْهُ.
فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْأُخُوَّةَ الَّتِي بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ، وَأَنَّهُمْ زَادُوا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي التَّعْطِيلِ فَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا: هَذَا الْكَلَامُ الْعَرَبِيُّ هُوَ الْقُرْآنُ حَقِيقَةً لَا عِبَارَةً عَنْهُ، وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَإِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.
وَمِنْ هُنَا اسْتَخَفَّ كَثِيرٌ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ بِالْمُصْحَفِ وَجَوَّزُوا دَوْسَهُ بِالْأَرْجُلِ، لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِمْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْجِلْدُ وَالْوَرَقُ وَالزَّاجُّ وَالْعَفْصُ، وَالْحُرْمَةُ الَّتِي ثَبَتَتْ لَهُ دُونَ الْحُرْمَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ لِدِيَارِ لَيْلَى وَجُدْرَانِهَا بِكَثِيرٍ فَإِنَّ تِلْكَ الدِّيَارَ حَلَّتْ فِيهَا لَيْلَى وَنَزَلَتْ بِهَا، وَهَذَا الْجِلْدُ وَالْوَرَقُ إِنَّمَا حَلَّ فِيهِ الْمِدَادُ وَالْأَشْكَالُ الْمُصَوَّرَةُ الدَّالَّةُ عَلَى عِبَارَةِ كَلَامِ اللَّهِ الْمَخْلُوقَةِ.
قَالَ أَبُو الْوَفَا بْنُ عُقَيْلٍ فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ فِي الْقُرْآنِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ سَبِيلَ الْحَقِّ قَدْ عَفَتْ آثَارُهَا، وَقَوَاعِدَ الدِّينِ قَدِ انْحَطَّ شِعَارُهَا، وَالْبِدْعَةَ قَدْ تَضَرَّمَتْ نَارُهَا وَظَهَرَ فِي الْآفَاقِ شَرَارُهَا، وَكِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ الْعَوَامِّ غَرَضٌ يُنْتَضَلُ، وَعَلَى أَلْسِنَةِ الطَّغَامِ بَعْدَ الِاحْتِرَامِ يُبْتَذَلُ، وَتُضْرَبُ آيَاتُهُ بِآيَاتِهِ جِدَالًا وَخِصَامًا، تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ لَغْوًا وَآثَامًا، قَدْ هُوِّنَ فِي نُفُوسِ الْجُهَّالِ بِأَنْوَاعِ الْمُحَالِ، حِينَ قِيلَ لَيْسَ فِي الْمُصْحَفِ إِلَّا الْوَرَقُ وَالْخَطُّ الْمُسْتَحْدَثُ الْمَخْلُوقُ، وَإِنْ سُلِّطَتْ عَلَيْهِ النَّارُ احْتَرَقَ، وَأَشْكَالٌ فِي قِرْطَاسٍ قَدْ لُفِّقَتْ، إِزْدِرَاءً بِحُرْمَتِهِ وَاسْتِهَانَةً بِقِيمَتِهِ، وَتَطْفِيفًا فِي حُقُوقِهِ، وَجُحُودًا لِفَضِيلَتِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ حَيًّا نَاطِقًا لَكَانَ ذَلِكَ مُتَظَلِّمًا، وَمِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ مُتَوَجِّعًا مُتَأَلِّمًا، أَتَرَى لَيْسَ هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41] وَقَالَ {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 77]

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست