responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 523
{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: 29] الْآيَةَ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِي سَمِعُوهُ هُوَ نَفْسُ الْقُرْآنِ، وَهُوَ الْكِتَابُ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] فَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِي يُسْمَعُ هُوَ الْقُرْآنُ بِنَفْسِهِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُقْرَأَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُرُوفٍ وَلَا أَصْوَاتٍ، وَإِنَّمَا هُوَ وَاحِدُ الذَّاتِ لَيْسَ سُوَرًا وَلَا آيَاتٍ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ - وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا - وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ - وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 45 - 6] وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الَّذِي يُسْمَعُ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مَخْلُوقٌ حُكِيَ بِهِ كَلَامُ اللَّهِ (عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ) وَعِبَارَةٌ عُبِّرَ بِهَا عَنْ كَلَامِهِ (عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ) وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فَالْمَقْرُوءُ وَالْمَسْمُوعُ وَالْمَكْتُوبُ وَالْمَحْفُوظُ لَيْسَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عُبِّرَ بِهَا عَنْهُ كَمَا يُعَبَّرُ عَنِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ وَلَا يَتَكَلَّمُ مِنْ أَخْرَسَ أَوْ عَاجِزٍ، بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ دُونَ ذَلِكَ مَا يُعَبِّرُ عَنْ حَالِ الشَّيْءِ، فَيُقَالُ: قَالَ كَذَا وَكَذَا بِلِسَانِ حَالِهِ لِمَا لَا يَقْبَلُ النُّطْقَ، فَإِنَّ الْأَخْرَسَ وَالْعَاجِزَ قَابِلٌ النُّطْقَ، فَهُوَ أَحْسَنُ حَالًا مِمَّنْ لَا يَقْبَلُهُ.
فَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْمَلَكَ فَهِمَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مَعْنًى مُجَرَّدًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ الْمَلَكَ عَبَّرَ عَنِ اللَّهِ فَهُوَ الَّذِي أَحْدَثَ نَظْمَ الْقُرْآنِ وَأَلَّفَهُ، فَيَكُونُ إِيحَاؤُهُ سُبْحَانَهُ إِلَى الْمَلَكِ مِثْلَ الْوَحْيِ الَّذِي يُوحِيهِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، إِذْ لَا تَكَلُّمَ هُنَاكَ، وَلَا خِطَابَ، وَالْمَلَكُ لَا يَسْمَعُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَلَا النَّبِيُّ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ مَا أَوْحَاهُ إِلَى النَّبِيِّ بِالْإِلْهَامِ أَوْ مَنَامٍ أَشْرَفُ مِنْ تَنْزِيلِ الْقُرْآنِ عَلَى الرَّسُولِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، فَإِنَّ مَا أَوْحَاهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَعْنًى مُجَرَّدًا، لَكِنَّ الْقُرْآنَ بِوَاسِطَةِ الْمَلَكِ وَوَحْيِ إِلْهَامٍ، وَالْإِلْهَامُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَمَا ارْتَفَعَتْ فِيهِ الْوَسَائِطُ فَهُوَ أَشْرَفُ.
وَلَمَّا أَصَّلَتِ الْجَهْمِيَّةُ هَذَا الْأَصْلَ وَبَنَوْا عَلَيْهِ وَجَعَلُوا تَكْلِيمَ الرَّبِّ تَعَالَى لِلرُّسُلِ وَالْمَلَائِكَةِ، هُوَ مُجَرَّدُ إِيحَاءِ الْمَعَانِي صَارَ خَلْقٌ مِنْ مُتَعَبِّدِيهِمْ وَمُتَصَوِّفِيهِمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يُخَاطَبُونَ وَأَنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُهُمْ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ التَّحْدِيثَ الَّذِي يَكُونُ لِلْأَوْلِيَاءِ مِثْلُ تَكْلِيمِ اللَّهِ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، إِذْ لَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُ مُجَرَّدِ الْإِلْهَامِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ خَاطَبَنِي مِنْ لِسَانِ هَذَا الْآدَمِيِّ، وَخَاطَبَ مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ،

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 523
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست