وبذل جوسلين لنُور الدّين فِي فدائه أَمْوَالًا لَا تحصى فَاسْتَشَارَ أمراءه فَلم يوافقوا على إِطْلَاقه فخالفهم وتسلم المَال واطلقه فَمَاتَ قبل أَن يخرج من الشَّام وانتفع الْمُسلمُونَ بِالْمَالِ وعد ذَلِك من كرامات نور الدّين، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا ملك عبد الْمُؤمن بجاية وَأخذ من يحيى بن الْعَزِيز آخر مُلُوك بني حَمَّاد جَمِيع ممالكهم، وَكَانَ يحيى مُولَعا بالصيد وَاللَّهْو فَانْهَزَمَ وتحصن بقلعة قسطنطينة من بِلَاد بجاية، ثمَّ أَمنه عبد الْمُؤمن وأرسله إِلَى بِلَاد الْمغرب وأجرى عَلَيْهِ شَيْئا كثيرا.
وَقد ذكرنَا فِي تَارِيخ القيروان: أَن ملك عبد الْمُؤمن تونس وإفريقية سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة.
وفيهَا: فِي أول رَجَب توفّي السُّلْطَان مَسْعُود بهمذان ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة فِي ذِي الْقعدَة، وَمَات مَعَه سَعَادَة الْبَيْت السلجوقي كَانَ مزاحا كَرِيمًا عفيفاً، وعهد إِلَى ابْن أَخِيه ملك شاه بن مَحْمُود فَخَطب لَهُ، وَكَانَ المتغلب على المملكة الْأَمِير خَاص بك، أَصله تركماني ثمَّ قبض هَذَا على ملك شاه وسجنه وأحضر أَخَاهُ مُحَمَّد بن مَحْمُود من خوزستان، فَتَوَلّى وَجلسَ على السرير، وَنوى خَاص بك إِمْسَاكه وَالْخطْبَة لنَفسِهِ فبدره مُحَمَّد ثَانِي يَوْم صوله فَقتله وَقتل زنكي الخزينة دَار وَألقى برأسيهما فَتفرق أصحابهما.
وفيهَا: جمعت الفرنج وقاتلت نور الدّين وَهُوَ محاصر دلوك فَعظم الْقِتَال وَانْهَزَمَ الفرنج وَقتل فيهم وَأسر ثمَّ ملك دلوك.