responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 190

التسلیم والمدافعه

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الموقف من الأقدار، وهل هو التسليم المطلق لها، أم أنه يمكن مدافعتها ومنازعتها، وعن علاقة ذلك بطمأنينة النفس ورضاها.

وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن للتعامل الشرعي مع الأقدار ـ بحسب ما تدل عليه النصوص المقدسة ـ موقفان: موقف لا ينبغي لك أن تتعامل معه إلا بالتسليم والرضا، وموقف لا ينبغي لك أن تتعامل معه إلا بالمدافعة والمنازعة.

أما الموقف الأول، وهو الذي أمرت فيه بالتسليم له تسليما مطلقا، وعدم منازعته في شيء، فهو القدر الذي ليس لك فيه أي اختيار، لأن منازعته لا دور لها إلا تحطيم قلبك، من غير أن يكون لها أي تأثير عملي، وهو ما أشار إليه قوله تعالى:﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ ﴾ (الحديد:22)، ثم قال بعدها:﴿ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَالله لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ (الحديد:23)

أي أعلمناكم بتقدم علمنا وسبق كتابتنا للأشياء قبل كونها، وتقديرنا الكائنات قبل وجودها لتعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم، وما أخطأكم لم يكن ليصيبكم، فلا تيأسوا على ما فاتكم ولا تفخروا على الناس بما أنعم اللّه به عليكم، فإن ذلك ليس بسعيكم ولا بكدكم، وإنما هو عن قدر اللّه ورزقه لكم.

فكلا الأمرين مما ذكرته الآية الكريمة يحول بين الإنسان والعمل الصالح الجاد، فالأول هو الوهن الذي يسببه تحمل جميع أثقال الماضي، والثاني هو البطر الذي يسببه الفرح بالحاضر، والتسليم للقدر يقي من كليهما.. فإذا وقي الإنسان من كليهما توجه بكليته للعمل الجاد المثمر

نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست