responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : هكذا تكلم لقمان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 67

الفقر

سمعتك اليوم ـ يا بني ـ تحدث بعض الناس عن الفقر.. وقد كنت قاسيا في حديثك لهم.. فأنت لم تراع حالهم ولا وضعهم ولا ذلك الأمل الذي كان يغمر قلوبهم، ولا تلك السكينة التي كانت تمتلئ بها نفوسهم.

لقد اعتبرت في حديثك لهم الفقر صنما ينبغي أن يُكسر.. وطاغوتا ينبغي أن يُقتل.. وأن من رضي بالفقر كمن رضي بالكفر..

وما كان لي أن أجادلك في ذلك.. ولكن لكل مقام مقالا.. ولكل حديث رجالا.. فالمساكين الذين كنت تحدثهم لم يكن بيدهم من الحيلة ما يخرجون به من الحال الذي هم عليه.. ولذلك رضوا بأن يعبدوا الله بعبودية الرضى والتسليم.. ويعتبروا فقرهم اختبارا إلهيا.. نجاحهم فيه منوط بعفافهم ورضاهم وتسليمهم لله.

فلذلك سلموا .. ورضوا.. وعاشوا مطمئنين فرحين بما آتاهم الله من فضله، حتى لو كان قليلا.. مؤملين النفس بالأجر العظيم الذي يلقونه بصبرهم ورضاهم وتسليمهم لله.

وقد كان في إمكانهم ـ لو سمعوا تلك الصيحات التي تدعوهم إلى تحطيم صنم الفقر ـ أن يهرعوا إلى الأغنياء، فيسلبوهم، أو يسرقوهم، أو يختلسوا أموالهم.. مثلما حصل في تلك البلاد التي ثار فقراؤها على أغنيائها.. ثم صار الكل يصارع بعضهم بعضا، ويحارب بعضهم بعضا.

وكان في إمكانهم أن يتحولوا إلى مختلسين ومرتشين ولصوص وقطاع طرق.. لكنهم لم يفعلوا.. ورضوا بأن يعيشوا السلام.. مكتفين بأكل الحلال، ولو كان قليلا.. معتقدين بركته وفضله، ومطمئنين بأن العطاء الذي كتب لهم لم يرسل لهم جميعا،

نام کتاب : هكذا تكلم لقمان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست