responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 276

وكأن جميع السنين بثقلها لم تستطع أن تؤثر فيه.

سألت ولي الله (يوسف) عنه، فقال لي: هذا رجل من أهل الله اسمه (نوح).. وهو كسميه نوح من المعمرين.. وقد رأيته مجتهدا مع أهل بلده داعيا لهم.. ولكنه مع طول دعوته لهم لم يقابلوه إلا بما قابل به قوم نوح نبيهم.. وقد أحضرته بعد أن رأيته قد يئس من قومه إلى هذه المدرسة ليكون شاهدا على الدنيا داعية إلى الترفع عنها.

دخلت المدرسة.. ولم ألبث حتى رأيت جموعا كثيرة تجتمع إلى نوح.. ولم يلبث حتى بدأ يكلمهم.. وكانت كلماته تنبع من بحر عميق من بحار الإيمان.. ومما لا أزال أذكره من حديثه قوله[1]: الحمد لله الذي عرف أولياءه غوائل الدنيا وآفاتها، وكشف لهم عن عيوبها وعوراتها حتى نظروا في شواهدها وآياتها، ووزنوا بحسناتها سيئاتها فعلموا أنه يزيد منكرها على معروفها، ولا يفي مرجوها بمخوفها، ولا يسلم طلوعها من كسوفها..

بعد أن بدأ حديثه بهذه الديباجة التفت إلى الحاضرين، وقال: لقد جئتكم اليوم بخمسة مفاتيح – بعدد الصلوات الخمس- من ملكها استطاع أن يترفع عن ثقل الدنيا، ويرفع همته إلى الآخرة.. لأنه لن يجد مطالبه العليا إلا في الآخرة.

قالوا: فهات المفتاح الأول؟

قال: المفتاح الأول أن تعلموا أن عمر الدنيا قصير، ومطالب الإنسان أعظم من أن تنحصر في عمرها القصير.. لقد ذكر الله تعالى ذلك، فقال :﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55)﴾ (الروم)، وقال :﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45)﴾ (يونس)، وقال :﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)﴾


[1] من خطبة الغزالي في كتاب ذم الدنيا من الإحياء.

نام کتاب : أسرار الإنسان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست