responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 64
يظهر حب سائر الصحابة أجمعين في سيرة الحبيب المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا الحب الرباني كان نابعا من القلب وبإخلاص، ولم يكن حب نفاق أو نابعًا من مصلحة دنيوية، أو رغبة من منفعة أو رهبة لمكروه قد يقع. ومن أسباب هذا الحب لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صفاته القيادية الرشيدة، فهو يسهر ليناموا، ويتعب ليستريحوا، ويجوع ليشبعوا، كان يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، فمن سلك سنن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع صحابته، في حياته الخاصة والعامة، وشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، وكان عمله لوجه الله، أصابه هذا الحب إن كان من الزعماء أو القادة أو المسئولين في أمة الإسلام [1].
وصدق الشاعر الليبي أحمد رفيق المهداوي عندما قال:
فإذا أحب الله باطنَ عبده ... ظهرت عليه مواهب الفتاح
وإذا صفت لله نية مصلح ... مال العباد عليه بالأرواح (2)

إن القيادة الصحيحة هي التي تستطيع أن تقود الأرواح قبل كل شيء، وتستطع أن تتعامل مع النفوس قبل غيرها، وعلى قدر إحسان القيادة يكون إحسان الجنود، وعلى قدر البذل من القيادة يكون الحب من الجنود، فقد كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رحيمًا وشفوقًا بجنوده وأتباعه، فهو لم يهاجر إلا بعد أن هاجر معظم أصحابه، ولم يبق إلا المستضعفون والمفتونون، ومن كانت له مهمات خاصة بالهجرة [3].
والجدير بالذكر أن حب الصديق لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لله، ومما يبين الحب لله والحب لغير الله أن أبا بكر كان يحب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مخلصًا لله، وأبو طالب عمه كان يحبه وينصره لهواه لا لله، فتقبل الله عمل أبي بكر وأنزل فيه قوله: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأتْقَى - الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى - وَمَا لأحَدٍ عِنْدَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى - إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى - وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 17 - 21]، وأما أبو طالب فلم يتقبل عمله، بل أدخله النار؛ لأنه كان مشركًا عاملاً لغير الله، وأبو بكر لم يطلب أجره من الخلق، لا من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا من غيره، بل آمن به وأحبه وكلأه وأعانه في الله، متقربًا بذلك إلى الله وطالبًا الأجر من الله، ويبلغ

[1] الهجرة النبوية، لأبي فارس: ص 54.
(2) الحركة السنوسية، للصلابي: 2/ 7.
[3] السيرة النبوية المباركة: ص 205.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست