responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 602
بمسكن, وكان مصعب قد علم بمسيره, ونزل بمسكن مقدمته إبراهيم بن الأشتر, ونزل باجميرا [1] , وأخذ عبد الملك يكاتب زعماء أهل العراق من جيش مصعب يعدهم ويمنيهم, وكان إبراهيم بن الأشتر قائد جيوش المختار الثقفي قد انضم إلى مصعب بعد مقتل المختار, وكتب إليه عبد الملك أيضًا, فأخذ الكتاب مختومًا ودفعه إلى مصعب, فقال له: ما فيه؟ فقال له: ما قرأته, فقرأه مصعب فإذا هو يدعوه إلى نفسه, ويجعل له ولاية العراق, فقال لمصعب: إنه -والله- ما كان من أحد آيس منه مني, ولقد كتب إلى أصحابك كلهم بمثل الذي كتب إلي, فأطعني فيهم فاضرب أعناقهم, قال: إذًا لا تنصحنا عشائرهم, قال: فأوقرهم حديدًا, وابعث بهم إلى أبيض كسرى فاحبسهم هناك, ووكل بهم على عشائرهم, فقال: يا أبا النعمان, إني لفي شغل عن ذلك, يرحم الله أبا بحر -الأحنف بن قيس- إنه كان ليحذرني غدر أهل العراق, كأنه ينظر إلى ما نحن فيه [2].
وهذا ليس غريبًا على أهل العراق, فلهم في الغدر وتغيير المواقف سجل حافل. بل لقد صرح عبد الملك بأن كتبهم كانت تأتيه يدعونه إليهم قبل أن يكتب هو إليهم [3]. ولم يكن هذا خافيًا في معسكر مصعب, فعندما استدعى
المهلب بن أبي صفرة -وكان من رجاله في ذلك الوقت- يستشيره, قال له: أعلم أن أهل العراق قد كاتبوا عبد الملك وكاتبهم, فلا تبعدني عنك. فقال مصعب: إن أهل البصرة قد أبوا أن يسيروا حتى أجعلك على قتال الخوارج, وهم قد بلغوا سوق الأهواز, وأنا أكره إذا سار عبد الملك إليّ ألا أسير إليه, فاكفني هذا الثغر [4]. في الوقت الذي كان عبد الملك يكاتب فيه زعماء أهل العراق من قواد مصعب والذين قبلوا التخلي عنه والانضمام إليه [5]؛ كان حريصًا على ألا يقاتل مصعبًا, للمودة والصداقة القديمة التي كانت بينهما, فأرسل إليه رجلاً من كلب, وقال له: أقرئ ابن أختك السلام - وكانت أم مصعب كلبية- وقل له يدع دعاءه إلى أخيه, وأدع دعائي إلى نفسي, ويجعل الأمر شورى, فقال له مصعب: قل له: السيف بيننا [6].
ثم حاول عبد الملك محاولة أخرى؛ فأرسل إليه أخاه محمدًا ليقول له: إن ابن عمك يعطيك الأمان, فقال مصعب: إن مثلي لا ينصرف عن مثل هذا الموقف إلا غالبًا أو مغلوبًا [7]. ثم دارت المعركة فبدأت خيانات أهل العراق تظهر, فقد أمد مصعب إبراهيم بن الأشتر بعتَّاب بن ورقاء, وهو من الذين كانوا كاتبوا عبد الملك, فاستاء إبراهيم من ذلك وقال: قد قلت له لا تمدني بعتاب وضربائه, إنا لله وإنا إليه راجعون, فانهزم عتاب بالناس. فلما انهزم صبر ابن الأشتر فقتل [8] , فكان مقتله خسارة كبرى لمصعب, لأنه -فوق شجاعته- كان مخلصًا له غاية

[1] تاريخ الطبري (7/ 43).
[2] الكامل في التاريخ (3/ 52).
[3] المصدر نفسه (3/ 52).
[4] البداية والنهاية (3/ 51).
[5] تاريخ الطبري (7/ 44).
[6] الكامل في التاريخ (3/ 52).
[7] تاريخ الطبري (7/ 45).
[8] الكامل في التاريخ (3/ 53).
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 602
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست