responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 91
له المدن على أيدي المغول ومن مظاهر اهتمامه أيضاً، ما أجراه من أبحاث لاستخلص عقاقير طبية، لمكافحة ما يصدر عن جثث الضحايا من أوبئة وعلى الرغم من إخلاص بي لوي تشو تسي لدولة المغول، ولأسرة جنكيز خان، فإنه لم يستطع أن يخفي شعوره وعاطفته حينما يطلب الرأفة بمدينة أو إقليم، حل به قضاء المغول وحكمهم ويشير إلى ذلك اوكيتاي ابن جنكيز خان بقوله: ألا تزال تبكي على هؤلاء القوم.
ومع ذلك كان لوساطته الفطنة الحكيمة أهمية في وقف إجراءات يتعذر تلافيها أو إصلاحها، فنظراً لأنه ينتمي أصلاً للعنصر المغول ولأنه تشبع بالحضارة الصينية يعتبر وسيطاً طبيعياً بين عنصر المغلوبين على أمرهم وبين الطغاة المغول، على أنه ما كان ليسعى مباشرة عند المغول للدفاع عن قضية إنسانية، خوفاً من أنه لا يجري الاستماع إليه، بل حرص على أن يثبت لهم أن الرأفة من دواعي السياسة السليمة وبذلك كان يحقق غرضه، فما كان يرتكبه المغول من همجية ووحشية، ويرجع إلى ما اشتهروا به من الجهل، وحدث في أثناء الحملة الأخيرة التي قادها جنكيز خان على كانسو، أن أشار قائد مغولي إلى أنه لا جدوى من الرعايا الصينيين الجدد، لأنهم ليسوا صالحين لاستخدامهم في الحرب ولذا يحسن استئصال شأفة كل هؤلاء السكان، الذين يبلغ عددهم نحو عشرة ملايين نسمة، حتى يصبح تحويل جانب من الأرض إلى مراعي لخيل العساكر، وأعرب جنكيز خان عن تقديره لهذه النصيحة غير أن الحكيم الصيني لم يلبث أن أعلن للمغول الذين لا يرتابون في إخلاصه مطلقاً ما يعود عليهم من المزايا باستغلال الأراضي الخصبة والإفادة من هؤلاء الرعايا المجدين وشرح أن ما يفرض من الضرائب على الأرض، ومن مكوس على المتاجر سوف يتحصل منها كل سنة نحو 500 ألف أوقية من الفضة، و80 ألف ثوب من الحرير، 400 ألف غرارة من الحبوب، فكسب بذلك المعركة، وعهد إليه جنكيز خان أن يضع على هذه القواعد مقدار ما يتحصل من الضريبة [1].
ومما يذكر لجنكيز خان تقديره واحترامه واستفادته من المتحضرين والمثقفين وأصحاب الخبرات وفي عهد أوغوداي، خليفة جنكيز خان وابنه، كان هذا الصيني يدير الإمبراطورية بمفرده تقريباً، وقد استطاع أن يأخذ أمر تنفيذ العقوبات من أيدي الضباط المغول القساة القلب ليضع ذلك في أيدي قضاة عينهم لهذا الواجب، كما عين جباة ضرائب لصالح الخزينة، وكانت شجاعته وحكمته وسرعة خاطره، وذكاؤه يستدعي إعجاب القادة المغول وكان يعرف كيف

[1] المغول للعريني صـ 152.
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست