responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 236
ولها، ومن ثم تتحلل الأمة وتسترخي وتفقد حيويتها، وعناصر قوتها وأسباب بقائها، فتهلك وتُطوى صفحاتها والآية تقرر سنة الله هذه، فإذا قدر الله لقرية أنها هالكة لأنها أخذت بأسباب الهلاك فكثر فيها، فعم فيها الفسق فتحللت وترهلت فحقت عليها سنة الله وأصابها الدمار والهلاك، وهي المسئولة عما يحل بها، لأنها لم تضرب على [1] أيدي المترفين ولم تصلح نظامها الذي يسمح بوجود المترفين إن الله عز وجل قد جعل للحياة البشرية نواميس لا تتخلق وسنناً لا تتبدل، وحين يوجد الأسباب تتعدد النتائج ([2]
وهذا نص صريح قاطع في أن هلاك الأمم وضعف شأنها وانحلال قواها إنما يكون بالشهوات المتحكمة والأهواء المردية وسيطرة ذلك على الذين يوجهونها وفي الآية الكريمة ما يشير إلى أن الترف هو الذي يؤدي إلى الفسق وأن الفسق هو الذي يؤدي إلى الدمار، فعلى الذين يعملون لرفعة الأمة أن يتجهوا إلى الدعامة التي تقوم عليها وهي قوة النفس وسيطرة الإرادة المؤمنة على الأهواء الجامحة، وأنه كلما كان الترف المردي كانت القوى المنحلة، وكلما كانت الإرادة القوية والعزيمة الصادقة والإخلاص المنير كان النصر المبين والتأييد من الله رب العالمين [3].
وللترف أثر بالغ السوء في الدول والشعوب، بل هو مِعْوَلُ هدم لطاقاتها وقدراتها، حيث يغري بالإخلاد إلى الأرض والاغتراف من المباذل والشهوات والخوض في سفاسف الأمور ودناياها والتعلق بالمناصب والجاه ولمال، ونسيان المعاني العلية، وعدم المخاطرة بالنفس في الجهاد في سبيل الله تعالى، والنفور من ارتكاب الصعب من الأمور، لا شيء إلا لأنه صعب على النفوس، والميل إلى السهل من الأعمال مهما قادت إلى ضعف وهوان ([4]
لقد أضعف الترف الدولة العباسية إضعافاً متدرجاً حتى بلغ غايته بسقوطها أمام التتار، ذلك السقوط المخزي المريع الذي لم يكن مثله سقوط في تاريخ الدولة الإسلامية، وانظر إلى ما كانوا يصنعون تعرف لماذا سقطوا وذلوا وهانوا، فهذا المأمون بن هارون الرشيد وهو من آخر أقوياء الخلفاء قد عقد على بوران بنت الحسن بن سهل وزيره، فماذا صنع في حفلة عرسه؟ وإن شئت قلت ماذا صُنع له؟ جرت تلك الحفلة في منازل الحسن بن سهل السرخسي، التي كانت بفم الصلح بالقرب من مدينة واسط، وفم الصلح إسم نهر كبير كان فوق واسط عليه

[1] في ظلال القرآن/ سيد قطب صـ (4/ 2217).
[2] المصدر نفسه صـ18 ..
[3] مجلة لواء الإسلام العدد الخامس صـ259 أبو زهرة.
[4] الترف وأثره في الدعاة والمصلحين صـ22 محمد موسى الشريف ..
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست