responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 156
5 ـ حب الدنيا وكراهية الموت: كان حب الدنيا مهيمناً على القيادة والشعب في ذلك الوقت، وقد دبت الهزيمة النفسية في قلوب المسلمين، وتعلقوا بدنياهم الذليلة تعلقاً لا يُفهم ورضوا أن يبقوا في قراهم ومدنهم ينتظرون الموت على أيدي الفرق المغولية، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: "يوشك الأمم أن تتداعى عليكم، كما تتداعى الأكلة على قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت ([1]) ". لقد سيطر حب الدنيا على القلوب، وكره المسلمون الموت في سبيل الله، فأصبحوا كالغثاء الذي يحمله السيل، إذا توجه شرقاً شرقوا معه، وإذا توجه السيل غرباً غربوا معه، لا رأي ولا هدف ولا طموح، ونزع الله عز وجل مهابة المسلمين من قلوب التتار، فما عادوا يكترثون بالأعداد الغفيرة وألقى في قلوب المسلمين الوهن والضعف والخور حتى كانت أقدام المائة من المسلمين لا تقوى على حملهم إذا واجهوا تترياً واحداً ... ولا حول ولا قوة إلا بالله [2]. يقول أبو الحسن الندوي: وقد دخل رعب التتار في قلوب المسلمين إلى حد أن أحد التتار دخل بعض الأحيان في سكة من سكك مدينة حيث وجد مائة رجل من المسلمين فقتلهم جميعاً، وأتى على آخرهم دون أن يتجرأ أحد منهم لمقاومته [3].
وذات مرة دخلت امرأة تتارية بيتاً متزينة بزي الرجال وقتلت جميع أفراد الأسرة، وعرف أحد المسجونين الذي كان معها أنها امرأة فقتلها، وقد حدث بعض الأحيان أن تتارياً أسر مسلماً وقال له ضع رأسك على هذا الحجر حتى آتي بالخنجر فأذبحك، وخضع له المسلم ولم يسعه أن يبرح مكانه ذاك ثم أتى التتاري بالخنجر من المدينة وذبحه [4]. كان غارة التتار فتنة عظيمة، ومحنة كبيرة، هزت العالم الإسلامي هزاً عنيفاً، وتركت المسلمين مبهوتين مشدوهين واستولى الرعب والخوف على العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، وغلب على الناس اليأس والتشاؤم، فكانوا يعتبرون التتار بلاءً سماوياً ومقاومتهم مستحيلة، وانهزامهم فوق القياس، حتى ساد المثل ((إذا قيل لك التتار انهزموا فلا تصدق))، فكل بلاد أو دولة توجهوا إليها عرف أنها أبيدت وخربت، ولم يبق فيها شيء من مقدسات المسلمين إلا وانتهكت حرمتها، فكان اتجاه التتار إلى جهة يرادف معنى التدمير والإبادة

[1] سنن أبو داؤد نقلاً عن قصة التتار صـ40، 41.
[2] قصة التتار صـ41.
[3] رجال الفكر والدعوة (1 ـ 282).
[4] المصدر نفسه (1 ـ 282)، نقلاً عن الكامل في التاريخ.
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست