responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 97
مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خِيَارِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: صُومُوا وَتَطَهَّرُوا وَطَهِّرُوا ثِيَابَكُمْ، فَفَعَلُوا، فَخَرَجَ بِهِمْ مُوسَى إِلَى طُورِ سَيْنَاءَ لِمِيقَاتِ رَبِّهِ، فَقَالُوا لِمُوسَى: اطْلُبْ لَنَا نَسْمَعْ كَلَامَ رَبِّنَا، فَقَالَ لَهُمْ: أَفْعَلُ، فَلَمَّا دَنَا مُوسَى إِلَى طُورِ سَيْنَاءَ مِنَ الْجَبَلِ وَقَعَ عَلَيْهِ عَمُودُ الْغَمَامِ وَتَغَشَّى الْجَبَلَ كُلَّهُ، فَدَخَلَ فِي الْغَمَامِ وَقَالَ لِلْقَوْمِ: ادْنُوَا فَدَنَوْا حَتَّى دَخَلُوا فِي الْغَمَامِ وَخَرُّوا سُجَّدًا، وَكَانَ مُوسَى إِذَا كَلَّمَهُ رَبُّهُ وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ نُورٌ سَاطِعٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَضُرِبَ دُونَهُمُ الْحِجَابُ وَسَمِعُوهُ وَهُوَ يُكَلِّمُ مُوسَى يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ وَأَسْمَعَهُمُ اللَّهُ: أَنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ذُو بَكَّةَ [1] أَخْرَجْتُكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ فَاعْبُدُونِي وَلَا تَعْبُدُوا غَيْرِي، فَلَمَّا فَرَغَ مُوسَى وَانْكَشَفَ الْغَمَامُ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا: لَهُ "لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً" مُعَايَنَةً وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَجْعَلُ الْعِلْمَ بِالْقَلْبِ رُؤْيَةً، فَقَالَ جَهْرَةً لِيَعْلَمَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْعِيَانُ {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ} أَيِ الْمَوْتُ، وَقِيلَ: نَارٌ جَاءَتْ مِنَ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتْهُمْ {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} أَيْ يَنْظُرُ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ حِينِ أَخَذَكُمُ الْمَوْتُ. وَقِيلَ: تَعْلَمُونَ، وَالنَّظَرُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، فَلَمَّا هَلَكُوا جَعَلَ مُوسَى يَبْكِي وَيَتَضَرَّعُ وَيَقُولُ: مَاذَا أَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا أَتَيْتُهُمْ وَقَدْ أَهْلَكْتَ خِيَارَهُمْ؟ "لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا" (155-الْأَعْرَافِ) فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُ رَبَّهُ حَتَّى أَحْيَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلًا بَعْدَ رَجُلٍ بَعْدَ مَا مَاتُوا يَوْمًا وَلَيْلَةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، كَيْفَ يُحْيَوْنَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
{ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ} أَحْيَيْنَاكُمْ، وَالْبَعْثُ: إِثَارَةُ الشَّيْءِ عَنْ مَحَلِّهِ يُقَالُ: بَعَثْتُ الْبَعِيرَ وَبَعَثْتُ النَّائِمَ فَانْبَعَثَ {مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمْ لِيَسْتَوْفُوا بَقِيَّةَ آجَالِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ وَلَوْ مَاتُوا بِآجَالِهِمْ لَمْ يُبْعَثُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} فِي التِّيهِ يَقِيكُمْ حَرَّ الشَّمْسِ، وَالْغَمَامُ مِنَ الْغَمِّ وَأَصْلُهُ التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ سُمِّيَ السَّحَابُ غَمَامًا لِأَنَّهُ يُغَطِّي وَجْهَ الشَّمْسِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي التِّيهِ كُنٌّ يَسْتُرُهُمْ فَشَكَوْا إِلَى مُوسَى فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى غَمَامًا أَبْيَضَ رَقِيقًا أَطْيَبَ مِنْ غَمَامِ الْمَطَرِ، وَجَعَلَ لَهُمْ عَمُودًا مِنْ نُورٍ يُضِيءُ لَهُمُ اللَّيْلَ إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَمَرٌ {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} أَيْ فِي التِّيهِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الْمَنَّ هُوَ التَّرَنْجَبِينُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ شَيْءٌ كَالصَّمْغِ كَانَ يَقَعُ عَلَى الْأَشْجَارِ طَعْمُهُ كَالشَّهْدِ، وَقَالَ وَهْبٌ: هُوَ الْخُبْزُ الرُّقَاقُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: جُمْلَةُ الْمَنِّ مَا يَمُنُّ اللَّهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بن يوسف 12/أأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ ابْنُ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَعِيدِ بن زيد رض اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ" [2] .

[1] ذو بكة: أي ذو قوة.
[2] رواه البخاري: في تفسير سورة البقرة باب: وظللنا عليكم الغمام: 8 / 163 وفي تفسير سورة الأعراف وفي الطب. ومسلم: في الأشربة - باب: فضل الكمأة ومداواة العين بها برقم (2049) 3 / 1619. والمصنف في شرح السنة: 11 / 332-333.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست