responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 222
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ كَانَ لِلَّهِ عَلَيْهِ نِعْمَةٌ، وَهَذِهِ النِّعْمَةُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهَا نِعْمَةَ الدُّنْيَا أَوْ نِعْمَةَ الدِّينِ، وَلَمَّا بَطَلَ الْأَوَّلُ ثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ نِعْمَةُ الدِّينِ، فَنَقُولُ: كُلُّ نِعْمَةٍ دِينِيَّةٍ سِوَى الْإِيمَانِ فَهِيَ مَشْرُوطَةٌ بِحُصُولِ الْإِيمَانِ، وَأَمَّا النِّعْمَةُ الَّتِي هِيَ الْإِيمَانُ فَيُمْكِنُ حُصُولُهَا خَالِيًا عَنْ سَائِرِ النِّعَمِ الدِّينِيَّةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ هُوَ نِعْمَةُ الْإِيمَانِ، فَرَجَعَ حَاصِلُ الْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ:
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ طَلَبٌ لِنِعْمَةِ الْإِيمَانِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا الْأَصْلُ فَنَقُولُ: يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ: - الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ النِّعْمَةِ نِعْمَةُ الْإِيمَانِ، وَلَفْظُ الْآيَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْمُنْعِمُ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ، ثَبَتَ أَنَّ خَالِقَ الْإِيمَانِ وَالْمُعْطِيَ لِلْإِيمَانِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَلِأَنَّ الْإِيمَانَ أَعْظَمُ النِّعَمِ، فَلَوْ كَانَ فَاعِلُهُ هُوَ الْعَبْدَ لَكَانَ إِنْعَامُ الْعَبْدِ أَشْرَفَ وَأَعْلَى مِنْ إِنْعَامِ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا حَسُنَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَذْكُرَ إِنْعَامَهُ فِي مَعْرِضِ التَّعْظِيمِ.
الْحُكْمُ الثَّانِي: يَجِبُ أَنْ لَا يَبْقَى الْمُؤْمِنُ مُخَلَّدًا فِي النَّارِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مَذْكُورٌ فِي مَعْرِضِ التَّعْظِيمِ لِهَذَا الْإِنْعَامِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي دَفْعِ الْعِقَابِ الْمُؤَبَّدِ لَكَانَ قَلِيلَ الْفَائِدَةِ فَمَا كَانَ يَحْسُنُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي مَعْرِضِ التَّعْظِيمِ.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ رِعَايَةُ الصَّلَاحِ وَالْأَصْلَحِ فِي الدِّينِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِرْشَادُ وَاجِبًا عَلَى اللَّهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِنْعَامًا، لِأَنَّ أَدَاءَ الْوَاجِبِ لَا يَكُونُ إِنْعَامًا، وَحَيْثُ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِنْعَامًا عَلِمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِنْعَامِ هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقْدَرَ الْمُكَلَّفَ عَلَيْهِ وَأَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَأَزَاحَ أَعْذَارَهُ وَعِلَلَهُ عَنْهُ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَاصِلٌ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ، فَلَمَّا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ الْمُكَلَّفِينَ بِهَذَا الْإِنْعَامِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْإِقْدَارَ وَإِزَاحَةَ الْعِلَلِ عَامٌّ فِي حَقِّ الْكُلِّ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْإِنْعَامِ لَيْسَ هُوَ الْإِقْدَارَ عَلَيْهِ وَإِزَاحَةَ الْمَوَانِعِ عَنْهُ.

الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضالين،
وفيه فوائد معنى قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ- إلخ:
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ هُمُ الْيَهُودُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ [الْمَائِدَةِ: 60] وَالضَّالِّينَ: هُمُ النَّصَارَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ [الْمَائِدَةِ: 77] وَقِيلَ: هَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ مُنْكِرِي الصَّانِعِ وَالْمُشْرِكِينَ أَخْبَثُ دِينًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَكَانَ الِاحْتِرَازُ عَنْ دِينِهِمْ أَوْلَى، بَلِ الْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ عَلَى كُلِّ مَنْ أَخْطَأَ فِي الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست