responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 217
إِحْضَارِهِ، وَكَيْفَ
وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «قَلْبُ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ،
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُمْكِنُهُ إِحْضَارُ الْقَلْبِ إِلَّا بِإِعَانَةِ اللَّهِ. الثَّالِثُ: لَا أُرِيدُ فِي الْإِعَانَةِ غَيْرَكَ لَا جِبْرِيلَ وَلَا مِيكَائِيلَ، بَلْ أُرِيدُكَ وَحْدَكَ وَأَقْتَدِي فِي هَذَا الْمَذْهَبِ بِالْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ لَمَّا قَيَّدَ نُمْرُوذُ رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ وَرَمَاهُ فِي النَّارِ جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَقَالَ: أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا، فَقَالَ: سَلْهُ، فَقَالَ: حَسْبِي مِنْ سُؤَالِي عِلْمُهُ بِحَالِي، بَلْ رُبَّمَا أَزِيدُ عَلَى الْخَلِيلِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قُيِّدَ رِجْلَاهُ وَيَدَاهُ لَا غَيْرَ، وَأَمَّا أَنَا فَقُيِّدَتْ رِجْلَيَّ فَلَا أَسِيرُ، وَيَدَيَّ فَلَا أُحَرِّكُهُمَا، وَعَيْنَيَّ فَلَا أَنْظُرُ بِهِمَا، وَأُذُنَيَّ فَلَا أَسْمَعُ بِهِمَا، وَلِسَانِي فَلَا أَتَكَلَّمُ بِهِ، وَكَانَ الْخَلِيلُ مُشْرِفًا عَلَى نَارِ نُمْرُوذَ وَأَنَا مُشْرِفٌ عَلَى نَارِ جَهَنَّمَ، فَكَمَا لَمْ يَرْضَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِغَيْرِكَ مُعِينًا فَكَذَلِكَ لَا أُرِيدُ مُعِينًا غَيْرَكَ، فَإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نستعين، فكأنه تَعَالَى يَقُولُ: أَتَيْتَ بِفِعْلِ الْخَلِيلِ وَزِدْتَ عَلَيْهِ، فَنَحْنُ نَزِيدُ أَيْضًا فِي الْجَزَاءِ لِأَنَّا ثَمَّتَ قُلْنَا: يَا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ [الْأَنْبِيَاءِ: 69] وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ نَجَّيْنَاكَ مِنَ النَّارِ، وَأَوْصَلْنَاكَ إِلَى الْجَنَّةِ، وَزِدْنَاكَ سَمَاعَ الْكَلَامِ الْقَدِيمِ، وَرُؤْيَةَ الْمَوْجُودِ القديم، وكما أنا قلنا لنار نمروذ يَا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ فَكَذَلِكَ تَقُولُ لَكَ نَارُ جَهَنَّمَ: جُزْ يَا مُؤْمِنُ قَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي. الرَّابِعُ:
إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ: أَيْ: لَا أَسْتَعِينُ بِغَيْرِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ لَا يُمْكِنُهُ إِعَانَتِي إِلَّا إِذَا أَعَنْتَهُ عَلَى تِلْكَ الْإِعَانَةِ، فَإِذَا كَانَتْ إِعَانَةُ الْغَيْرِ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِإِعَانَتِكَ فَلْنَقْطَعْ هَذِهِ الْوَاسِطَةَ وَلْنَقْتَصِرْ عَلَى إِعَانَتِكَ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: قَوْلُهُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ يَقْتَضِي حُصُولَ رُتْبَةٍ عَظِيمَةٍ لِلنَّفْسِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ يُورِثُ الْعُجْبَ فَأَرْدَفَ بِقَوْلِهِ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لِيَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الرُّتْبَةَ الْحَاصِلَةَ بِسَبَبِ الْعِبَادَةِ مَا حَصَلَتْ مِنْ قُوَّةِ الْعَبْدِ، بَلْ إِنَّمَا حَصَلَتْ بِإِعَانَةِ اللَّهِ فَالْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ قَوْلِهِ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ إِزَالَةُ الْعُجْبِ وَإِفْنَاءُ تِلْكَ النَّخْوَةِ وَالْكِبْرِ.

الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي قوله اهدنا الصراط المستقيم، وفيه فوائد
معنى قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ:
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْمُصَلِّي لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُهْتَدٍ، فَالْمُصَلِّي مُهْتَدٍ، فَإِذَا قَالَ: اهْدِنَا كَانَ جَارِيًا مَجْرَى أَنَّ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ الْهِدَايَةُ فَإِنَّهُ يَطْلُبُ الْهِدَايَةَ فَكَانَ هَذَا طَلَبًا لِتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، وَإِنَّهُ مُحَالٌ، وَالْعُلَمَاءُ أَجَابُوا عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ: - الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ مِنْهُ صِرَاطُ الْأَوَّلِينَ فِي تَحَمُّلِ الْمَشَاقِ الْعَظِيمَةِ لِأَجْلِ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى. يُحْكَى أَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُضْرَبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَا مَرَّاتٍ بِحَيْثُ يُغْشَى عَلَيْهِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ رَسُولَنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا قَالَ ذَلِكَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَهُوَ كَانَ يَقُولُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّاتٍ فَلَزِمَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَالْجَوَابُ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ طَلَبَ تِلْكَ الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَا مَرَّةٍ كَانَ تَكَلُّمُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَكَلُّمِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: فِي الْجَوَابِ: أَنَّ الْعُلَمَاءَ بَيَّنُوا أَنَّ فِي كُلِّ خُلُقٍ مِنَ الْأَخْلَاقِ طَرَفَيْ تَفْرِيطٍ وإفراط، وهما

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست