responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير البياني لما في سورة النحل من دقائق المعاني نویسنده : سامي القدومي    جلد : 1  صفحه : 207
(ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين) (103)
المفردات:
- يلحدون: يميلون عن الحق وينحرفون.
- لسان: المقصود به هنا: اللغة.
المعنى الإجمالي:
وما زال الكلام حول نقض مزاعم الكفار في الطعن في القرآن، فهم يدعون أن رجلا أعجميا يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن، ولكن هذه الدعوة دعوة غبية، لأن القرآن كتاب عربي غاية في البيان والفصاحة والبلاغة، ومن يدعون أنه يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو رجل أعجمي لا يتقن أبجديات البلاغة والفصاحة علاوة على عجزه عن إتقان النطق.
المعنى التفصيلي:
- (ولقد نعلم) توكيد الفعل المضارع بـ "قد" يدل على أن علم الله مستمر؛ لأن علم الله - سبحانه وتعالى - حق دائم، و"قد" مع الفعل الماضي تدل على التحقيق "لقد علمنا" ولكن لا يدل اللفظ بذاته على استمرار العلم، وإنما يفهم ذلك من أدلة أخرى، بينما توكيد الفعل المضارع بـ "قد" يدل على أن تحقق العلم مستمر، ولن يغيب عن الله - سبحانه وتعالى - شيء مما يحدثه هؤلاء من طعن في القرآن، وكذلك ليكون التعبير مناسبا لما بعده، ألا ترى أن ما يعلمه الله - سبحانه وتعالى - من قول الكفار في حق القرآن جاء معبرا عنه بقوله تعالى (يقولون)، فالمناسب أن يكون "نعلم ما يقولون" وليس "علمنا ما يقولون"، لأن التعبير بالمضارع هنا جاء لتهديد الكفار، كأن الآية تقول لهم إن الله يتابع أقوالكم أولا بأول، وستجزون بما كنتم تعملون.
ومما يستخدمه الناس في تهديدهم لغيرهم أنهم على اطلاع مستمر بكل ما يعمله الآخر، والله - سبحانه وتعالى - يخاطب هذه النفس الإنسانية بما يخيفها من أمر المراقبة والمتابعة من الله القادر العظيم.
ومن الأمثلة الدالة على أن التأكيد من دلالات دخول "قد" على الفعل المضارع:
- ( ... قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا ... ) (النور: 63)
- ( ... قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم) (النور:64)
- (قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا) (الأحزاب: 18)
- التعبير بالجمع (نعلم) للتعظيم. والعلم من صفات الله سبحانه وتعالى، ومن أسمائه الحسنى "العليم"، ولكن علمه - سبحانه وتعالى - لا كعلمنا؛ لأنه ( ... ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (الشورى: 11)، فأثبت الله سبحانه وتعالى له السمع والبصر بأنه سميع بصير ولكن من غير تشبيه ولا تمثيل، وعلى هذا يجري فهم بقية صفات الله سبحانه وتعالى، وهذا مزلق عظيم ضل فيه أناس كثير. والله الحافظ والهادي إلى سواء السبيل.
- (أنهم يقولون) أي يعلم الله قول المشركين، و"أن" للتوكيد، وجاء الفعل (يقولون) مضارعا لا ماضيا "قالوا"؛ لأن الكفار لم يقولوا هذا مرة واحدة وسكتوا، بل كانوا يكررون ويعيدون.
- (يقولون إنما يعلمه بشر) أي: ما يعلم محمدا القرآن إلا بشر، وهو رجل أعجمي، وكل المقصود بهذه الدعوى القدح في قدسية القرآن.
واختلف العلماء في تعيين هذا الرجل الأعجمي الذي ادعى المشركون بأنه يعلم محمدا صلى الله عليه وسلم، فقيل: بلعام، وقيل: يعيش، وقيل: جبر، وقيل غير ذلك، وتعيين اسمه ليس ذا فائدة، بل الفائدة في معرفة أنه أعجمي.
- (لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين) يرد الله - سبحانه وتعالى - هذه الدعوى الغبية على أصحابها بخير بيان، إذ كيف ينسبون القرآن الذي لم يستطع كل العرب أن يأتوا بمثله كيف ينسبونه إلى غير عربي لا يتقن الفصاحة والبلاغة علاوة على النطق؟؟! أين عقولهم؟! إنه الكفر والعناد ينزل بصاحبه إلى حمأة الغباء والسفاهة.
- (لسان) أي: لغة وكلام، وعبر عن اللغة والكلام باللسان لأنه آلة النطق.
- (يلحدون إليه) أي: يميلون إليه، ولذا سمي الملحد ملحدا لأنه مال عن الحق.
- (أعجمى) والأعجم من لا يقدر على النطق بالعربية كما ينبغي، أي من لا يفصح لوجود العجمة في كلامه. والعجم هم غير العرب. والياء في (أعجمى) للنسب، وجاء النسب لتقوية وصفه بالعجز عن الإفصاح.
- (وهذا لسان عربى مبين) اسم الإشارة (هذا) في هذا المكان يدل على التعظيم، وأعيد ذكر (لسان) مع دلالة السياق عليه لتعظيم أمر القرآن.
ووصف القرآن بوصفين الأول: عربي، والثاني: مبين.
و (مبين) اسم فاعل من أبان، فالقرآن عربي وذاك أعجمي، والقرآن مبين وذاك غير مبين.
- ولم يأت الرد على الكفار بأن محتوى القرآن لا يكون إلا من عند الله سبحانه وتعالى؛ لأنه لا يرد بما يحتمل النقاش مع وجود ما لا يحتمل النقاش، ولذا فإن إبرهيم - عليه السلام - لما أقام الحجة على الطاغية بأن الله - سبحانه وتعالى - يحيي ويميت، وقام بعدها هذا الطاغية بالمراوغة أمام الحجة، لم يجادله إبراهيم - عليه السلام - بأن الذي فعلته ليس هو الإحياء والإماتة، وإنما أسرع إلى إقامة الحجة عليه بما لا يقبل النقاش، بأن الله يأتي بالشمس من جهة المشرق فأت بها من جهة المغرب، فبهت هذا الطاغية وألجم فوه فلم يرد.
وهذه نصيحة لمن يجادلون أهل الأهواء بأن يحرصوا على الحجة الساطعة معرضين عن الحجج الأخرى حتى لا يخبو ضوء الحقيقة خلال النقاش.

نام کتاب : التفسير البياني لما في سورة النحل من دقائق المعاني نویسنده : سامي القدومي    جلد : 1  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست