responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 364
وأما الثانية فهي في عهدكم هذا.
ولو أنكم تستشهدون التاريخ: أية المرّتين كانت أشرّ وأشرّ وأدهى وأمرّ، لقال لكم غير متَجَانِفٍ لإثم: إن شرّ المرّتين آخرتهما. ولساق لكم من الحجج ما لا تستطيعون له دفعًا. فإن الشرّ الأول كان من بعض دواعيه الجهل، أما هذا الشرّ فكل دواعيه العلم. وقد كان الشر يعرض على الناس باسمه وفي ثوبه الحقيقي فأصبح يعرض عليهم باسم الخير وفي ثوب الخير. وقد كان العالم متباعد الأجزاء متقطع الأوصال. وفي تباعد الأجزاء تقليل من بواعث الشر، فأصبح العالم مزدحمًا حتى ليكاد يلتحم. ومن ازدحامه والتحامه نشأت معضلته الاجتماعية الكبرى وهي مشكلة الأغنياء والفقراء التي لم يفلح في حلّها علم العلماء ولا حكمة الحكماء ولا قوّة الأقوياء ولا دهاء الدهاة، والتي تفاقم خطبها واضطرم لهيبها حتى أصبح بنو آدم المتآخون في نسبه فريقين مضطغنين يتربص كل فريق بأخيه دائرة السوء. ويا ويل هذه الأرض إذا انفجرت الأحقاد بين أبنائها.
وقد عرفنا التاريخ أن أصل البلاء بين البشر جاء من عصبياتهم المختلفة. وكان مما يهون تلك العصبيات أنها محدودة وأنها تعالج بعصبيات أخرى فيخف ضررها وتتلاشى قوّتها. ولكن مشكلة اليوم أن تلك العصبيات التي كانت تنفع حينًا وتضرّ أحيانًا ذابت كلها في عصبيتين جامحتين كلتاهما ضرر وكلتاهما شر.
إن رحمة الأرض آتية من السماء، وقد جاءت أديان السماء فعلّمت الفقير كيف يرضى ويصبر، وعلّمت الغني كيف يحسن ويرحم، فلماذا لا يرجع بنو الأرض إلى حكم السماء ورحمته؟ ولماذا لا يلتمسون مُثُل الإحسان الكاملة في القرآن؟

أيها الإخوان:
هذا داء العالم البشري فأين دواؤه؟ وهذا مرضه العضال فأين طبيبه؟ وهل يتداركه الله بلطفه فيهدي البشر إلى اتباع ما جاء به القرآن من تسامح وتعاون على الخير؟
فيا أيها المشفقون على العالم الإنساني أن يأكل بعضه بعضًا، انصحوه بالرجوع إلى الإسلام وكتابه يجد فيهما ظلال السلم وبرد الرحمة وعز القناعة وشرف التقوى ويتمتع من كل ذلك بنعمة السلام.
ويا أيها المسلمون، أنتم أطباء هذه المعضلات ولكنكم جاهلون، وأنتم الحكم المَرْضِيُّ في هذه المشكلات ولكنكم غائبون. ولو كنتم حاضرين حضور سلفكم لمشاهد العالم ومنازعاته العامة لوقفتم- كما وقفوا- بعقائدهم وسطًا بين التناهي والتقصير، وبزكاتهم المرضية حكمًا بين الغني والفقير، وبرحمة الإسلام سدًّا بين الآجر والأجير، وإذًا

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست