responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 183
الخطوة الأولى:
كان معقولًا جدًا أن الإصلاح الديني لا يطمئن به المضجع في هذه الديار ولا ترسخ جذوره إلّا إذا مهدت له الأرض ونقيت، ولا بد بعد وجود المقتضيات من إزالة الموانع، وموانع الإصلاح بهذه الديار وعوائقه هي طائفة أو طوائف تختلف اسمًا وصفة، وتتحد رسمًا وغاية، والمصلحون إذ ذاك يلتقون على فكرة ولا يلتقون على نظام ولا في جمعية، لأن جمعية العلماء لم تؤسس بعد.
فكانت الأوساط الإصلاحية في ذلك العهد يتجاذبها رأيان يلتقيان في المقصد وبختلفان في المظهر العملي للإصلاح وكيف يكون؟
أحدهما، صرف القوّة كلها وتوجيه جهود متضافرة إلى التعليم المثمر، وتكوين طائفة جديدة منسجمة التعليم مطبوعة بالطابع الإصلاحي علمًا وعملًا، مسلحة بالأدلة، مدربة على أساليب الدعوة الإسلامية والخطابة العربية، حتى إذا كثر سواد هذه الطائفة وكان منها الخطيب ومنها الكاتب ومنها الشاعر ومنها الواعظ ومنها الداعي المتجول، استخدمت في الحملة على الباطل والبدع على ثقة بالفوز.
وهذا رأي له قيمته وخطره، وكان كَاتِبُ هذه الأسطر من أصحاب هذه الفكرة في ذلك الوقت.

والرأي الثاني أخذ المبطلين مغافصة والهجوم عليهم وهم غارّون، واسماع العامة المغرورة صوت الحق فصيحًا غير مجمجم، ويرتكز هذا الرأي على أن هذه البدع والمنكرات التي يريد الإصلاح أن يكون حربًا عليها هي أمور قد طال عليها الأمد، وشاب عليها الوالد، وشبَّ عليها الولد وهي بعد شديدة الاتصال بمصالح ألفها الرؤساء حتى اعتبروها حقوقًا لهم، وأنس بها العامة حتى اعتقدوها فروضًا عليهم، فلا مطمع في زوالها إلّا بصيحة مخيفة، تزلزل أركانها، ورجة عنيفة تصدع بنيانها واعصار شديد يكشف الستر عن هذا الشيء الملفف، والسر الذي يأبى أن يتكشف، ليتبينه الناس على حقيقته، وأقل ما يكون من التأثير لهذا العمل أن تضعف هيبته في نفوسهم وتضؤل رهبته في صدورهم، وهنالك يسهل العمل في نقضه، وتخف المئونة في هدمه.
وهذا رأي له خطره وقيمته كذلك؛ فإن هذه الأسماء (مرابط وشيخ طريق وما شاكلهما) التي أصبح الناس الآن يتقززونها وينددون بها جهارًا قد كانت محاطة في ذلك الوقت بسور من الإجلال والقدسية، وهذه الأباطيل التي صارت بغيضة إلى كل نفس ملعونة بكل لسان، قد كانت في ذلك العهد ترتكب بين قلوب من العامة واجفة، وألسنة راجفة، خوفًا من أن يخطر الانكار بالبال فيحل الوبال.

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست