responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 181
نشوء الحركة الإصلاحية في الجزائر:
لا يطلق- في هذا المقام- لفظ حركة في العرف العصري العام إلّا على كل مبدإ تعتنقه جماعة وتتساند لنصرته ونشره والدعاية والعمل له عن عقيدة، وتهيئ له نظامًا محددًا وخطة مرسومة وغاية مقصودة، وبهذا الاعتبار، فإن الحركة الإصلاحية لم تنشأ في الجزائر إلّا بعد الحرب العالمية.
والتأثير الأكبر في تكوينها على هذه الصورة يرجع في الحقيقة إلى سنة الادالة الكونية التي اقتضاها تدبير الاجتماع، ويرجع في الظاهر- فيما نرى- إلى العوامل الآتية:

الأول: نوازع جزئية محدودة أحدثتها في النفوس المستعدة الأحاديث المتناقلة في الأوساط العلمية عن الامام عبده، ولو من خصومه الممعنين في التشنيع عليه وسبه ولعنه- وما أكثرهم بهذا الوطن! فكانت تلك الأحاديث تفعل فعلها في النفوس المتبرمة من الحاضر والمستشرفة إلى تبدله بما هو خير، وتكيفها تكييفًا جديدًا وتغريها أولًا بالبحث عن منشإ هذه الخصومة العنيفة لهذا الرجل. فإذا علمت أن منشأ ذلك دعوته إلى القرآن، أو ادعاؤها الاجتهاد، كما كانوا يقولون قرب هذا الاسم منها، فأحبته ولجت في الانتصار له، وإن لم تتبين مشربه كل التبيّن.
ويضاف إلى هذا العامل قراءة "المنار" على قلة قرائه في ذلك العهد، واطلاع بعض الناس على كتب المصلحين القيمة، ككتب ابن تيمية وابن القيم والشوكاني.
فهذا عامل له أثره في التمهيد للدعوة الإصلاحية.

الثاني: الثورة التعليمية التي أحدثها الأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس بدروسه الحية والتربية الصحيحة التي كان يأخذ بها تلاميذه، والتعاليم الحقة التي كان يبثها في نفوسهم الطاهرة النقية، والإعداد البعيد المدى الذي كان يغذي به أرواحهم الوثابة الفتية. فما كادت تنقضي مدة حتى كان الفوج الأول من تلاميذ ابن باديس مستكمل الأدوات من فكر صحيحة وعقول نيرة ونفوس طامحة، وعزائم صادقة، وألسن صقيلة، وأقلام كاتبة. وتلك الكتائب الأولى من تلاميذ ابن باديس هي طلائع العهد الجديد الزاهر، وقد سمع الناس لأول مرة في الجزائر من بعض تلك البلابل شعرًا يؤدي معنى الشعر كاملًا، وقرأوا كتابة تؤدي معنى الكتابة.
ثم زحفت من أولئك التلاميذ في ذلك العهد أيضًا كتيبة جرارة، سلاحها الفكرة الحية الصحيحة، إلى جامع الزيتونة لتكمل معلوماتها ولتبني على تلك الفكرة الحية وعلى ذلك الأساس العلمي الصحيح، بناء علميًا محكمًا. ورجعت تلك الطائفة إلى الجزائر، فكان من مجموعها وممن تخرج بعدها من تلاميذ الأستاذ، ومن تلاميذ جامع الزيتونة، جنود الإصلاح اليوم وقادته وألويته المرفرفة، وأسلحته النافذة.

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست