responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 108
الإسلام والتاريخ:
وإن التاريخ شهد هذا الدين في عنفوان شبابه وتهيؤ أسبابه وازدخار عبابه، فشهد له بالفضل الأتم، والخير الأعمّ للبشر كلهم- بله أبنائه المتبعين لشرائعه- وشهد أن سلف هذه الأمة ما لمسوا حاستي السعادة إلا به، وما كانوا أساتذة الكون إلا بهديه، ولا دانت لهم المشارق والمغارب إلا بالتأدّب بآدابه والتخلّق بأخلاقه، ثم نشر تلك الآداب وتلك الأخلاق على الأمم.
وإن التاريخ لم يعرف دينًا من الأديان لم يبق على أساس الجنسية ولم يرجع على قواعدها إلا دين الإسلام فهو لا يختصّ بجنس، وهو صالح لكل جنس وهو موافق لكل فطرة وهو ملائم لكل نفس.
وقد اندفع في سيره الأول بسيرته الأولى إلى جهات المعمور الأرج وانتظم أممًا مختلفة الأجناس واللغات والطبائع والألوان، فأصبحت تلك الأمم- على ما بينها من تباين خلقي- أمة واحدة مطبوعة بطابع واحد وهو طابع الإسلام ومصبوغة بصبغة واحدة وهي صبغة الإسلام، فما هو السرّ في هذا؟
السرّ هو أنه دين فطري روحي، يحمل في طيّاته نهاية الكمال الإنساني وأن أصوله بُنيت على حكمة من خالق الحكمة، فتجد في عقائده غذاء العقل وفي عباداته تزكية النفس، وفي أحكامه رعاية المصلحة، وفي آدابه خير المجتمع، وأن دينًا يأخذ من شرطه التخلّق بالأخلاق الشريفة، ويعمد إلى الأرواح مباشرة فيغرس فيها أصول الفضائل الإنسانية، ويعمد إلى الحيوانية فيهذب في حواشيها، ويكسر من حدّتها، ويفل ما فيها من شره وشراسة، ويعمد إلى ما بين المستضعفين والمستكبرين من حاجز وفروق فيجعلها جذاذًا، لحقيق بأن ينتظم تلك الأمم ومثلها معها.
بلى، وإن التاريخ لم يشهد دينًا جمع بين مطالب الروح والجسم إلا هذا الدين، وأن السعادة لا تتمّ في الدارين إلا بالتوفيق بين المطلبين، وهذه عقبة العقبات في طريق السعادة وسبب الأسباب في استكمالها واختلافها، وأين تقع القوانين التي هي وضع البشر من التوفيق بين هذين المطلبين.
وإذا كان في الديانات السماوية قبل الإسلام ما لا يفي بحاجة البشر من تحصيل السعادتين، فكيف بالقوانين الوضعية ونحن نرى أرقاها في أرقى الأمم، موجهًا إلى استطلاع البدن، وإشباع شهواته ورغائبه، ونراها لا تحمل من جراثيم الإصلاح الروحي إلا قليلًا لا يشفي ولا يكفي.

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست