responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوحي المحمدي نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 204
حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء: 58]، وقال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا [1] وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً [النساء: 135].
أمر الله تعالى المؤمنين بالمبالغة فى القيام بالقسط وهو العدل فإن القوام (بتشديد الواو) صيغة مبالغة للفاعل بالقيام بالأمر وعدم التهاون والتقصير فيه، وبأن تكون شهادتهم فى المحاكمات وغيرها لله عزّ وجلّ لا لهوى ولا مصلحة أحد، ولو كانت على أنفسهم أو والديهم والأقربين منهم، وأن لا يحابوا فيها غنيا لغناه تقربا إليه أو تكريما له، ولا فقيرا لفقره رحمة به وشفقة عليه، ونهاهم عن اتباع الهوى فى الحكم أو الشهادة لأجل كراهة العدل فيهما لمراعاة من ذكر من الناس، وأنذرهم عقابه إن لووا- أى مالوا عن الحق أو أعرضوا عنه-.
وقال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [المائدة: 8]، فهذه الآية متممة لما قبلها، فهناك يأمر بالمساواة فى العدل والشهادة بين النفس وغيرها، وبين القريب والبعيد، وبين الغنى والفقير، وهاهنا يأمر بالمساواة فيهما بين الإنسان وأعدائه مهما يكن سبب عداوتهم، لا فرق فيها بين دينى ودنيوى، فالشنآن البغض والعداوة وقيل مع الاحتقار، فمعنى قوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا لا يحملنّكم بغضهم وعداوتهم لكم أو بغضكم وعداوتكم لهم على ترك العدل فيهم، فالعدل بالمساواة أقرب إلى تقوى الله. وأنذر تارك العدل لأجل الشنآن بمثل ما أنذر به تارة للمحاباة، أنذر كلا منهما بأن الله خبير بما يعمله لا يخفى عليه منه شىء، فهو يحاسبه على عمله وعلى نيته وقصده منه، فيثيبه أو يعاقبه على ما يعلم من أمره.
فالعدل هو الميزان فى قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ [الشورى: 17]، وقوله تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ [الحديد: 25] الآية. فخير الناس

[1] أن تعدلوا بفتح أن لتقدير لام التعليل وهو قياس والتقدير فلا تتبعوا الهوى كراهة أن تعدلوا- أو لئلا تعدلوا، اختلف النحاة فى تقدير الإعراب واتفقوا على أن المراد لا يكون الهوى سببا لترك العدل ويؤكده الآية الثانية.
نام کتاب : الوحي المحمدي نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست