responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوحي المحمدي نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 170
وتمحيصه، وأنه لا بد أن يكون وقوعه لحكمة بالغة لا عن خلل ولا عبث، وأن ما خفى علينا من حكمه تعالى فهو كسائر ما يخفى علينا من أمور خلقه، نبحث عنهما لنزداد علما بكماله، ونكمل به أنفسنا بقدر استطاعتنا، ولا نتخذها حجّة ولا عذرا على الكفر به لجهلنا، وقد ثبت لأعلم علماء البشر فى كل عصر أنّ ما نجهل من هذا الكون أكثر مما نعلم، ويستحيل أن يحيط البشر به علما.
أجمع على هذا علماء هذا العصر الماديين على سعة علمهم بالمادة وسننها، وكثرة ما أحدثوا من الصناعات والمنافع بتسخيرها، فما قولك بعالم الرّوح والغيب؟ إنه ليظهر فيهم قبلهم صدق قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: 85].
ونؤمن بأن الله تعالى قد أرسل إلى البشر رسلا هدوهم بآياته إلى الخروج من مضيق مدارك الحس، وما يستنبطه الفكر منها بادئ الرأى، إلى ما وراءها من سعة عالم الغيب، ولولا هدايتهم لظلّ البشر ألوف الألوف من السنين ينكرون وجود ما لم يكونوا يدركونه بحواسهم من الأجسام وأعراضها، وبقياسهم ما جهلوا على ما علموا منها. وما ينكره الإنسان ويعتقد استحالة وجوده لا يبحث عنه.
وقد علمنا من التاريخ أنّ الإيمان بالله وبآياته لرسله، وباليوم الآخر، وبما يكون فيه من الحساب والجزاء على الأعمال، هو الذى وجه عقول البشر إلى البحث فى أسرار الوجود، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من الارتقاء فى العلوم والفنون والصناعات فى الأجيال المختلفة، ولم يكن لغير المؤمنين بالغيب منهم نصيب فى ذلك- فهذا الإيمان بالأركان الثلاثة من الغيب هو الذى أوصل البشر إلى علوم وأعمال كان يعدها غير المؤمنين بالغيب من مجالات العقول كالغيب الذى أنكروه، حتى لم يعد شىء من أخبار الغيب بعيدا عن العقل بعد ثبوتها.
فتبين لنا بهذا وبما قبله أنه كان للبشر بآيات الأنبياء ثلاث فوائد هى من حكم نصبه تعالى لتلك الآيات.
(الأولى): جعلها دليلا حسيا على اختياره تعالى فى جميع أفعاله، وكون سنن النظام فى الخلق خاضعة له، لا حاكمة عليه ولا مقيدة لإرادته وقدرته.
(الثانية): جعلها دليلا على صدق رسله فيما يخبرون عنه بوحيه، ونذرا للمعاندين لهم

نام کتاب : الوحي المحمدي نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست