responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 731
كيف يتلذذ السادي بقتل شعبه؟
ونحن صغار كنا نقرأ عن إحراق نيرون عاصمته روما لشعوره بالخطر الذي يتهدده في إقصائه عن السلطة، فكنت أقول في نفسي: أمعقول أن يطلب المرء سيادة شعب لا يريده، ويفرض عليه نفسه بقوة السلاح، فإذا لم يصل إلى هدفه أمعن في شعبه قتلاً وتشريداً وحرقاً وتدميراً؟
ثم حين وعينا أكثر وبدأنا نقرأ القرآن الكريم بفهم وتدبر رأينا فرعون يستعبد شعبه ويقول لهم: (ما علمت لكم من إله غيري) وكأن رؤيته وحدها حسب ظنه الواهي - هي الواعية الثاقبة، ورأي غيره هباء منثور!
وتساءلنا أهذا يحصل في البشر أصحاب العقول النيّرة؟! ثم تزداد الوتيره حين يقرر أنه الإله الأوحد وأن مصر ملك شخصي له يفعل بها ما يشاء، فلا يرى هنا غير ذاته عليّة ومسددة حين يقول بصفاقة (أنا ربكم الأعلى).
ونقول: أمر عجيب أن لا يرى الإنسان غير نفسه ولا يعبأ بالآخرين، أو لايراهم ابتداءً.
وتتالت هذه التساؤلات في قصة تيمورلنك في حروبه، وفي تدمير الصليبيين للمسجد الأقصى وقتل سبعين ألفاً في ساحته حتى سالت الدماء إلى الركب، وتتالت الصور في ذاكرة الفتيان، فالحرب العالمية الأولى تطحن سبعة عشر مليوناً ويبيد قادة الاتحاد السوفياتي شعب الشيشان المسلم ويحمل الباقي إلى مجاهل سيبيريا، وتمر في ذاكرتنا صور الإبادة الجماعية في أماكن متعددة ومتفرقة في العالم، فنقول: هذا يحصل في بلاد الفساد والكفر التي لا تحسب للآخرة حساباً وترى حياتها في الدنيا فقط، فلا تأبه للدين ولا للخلق ولا للحقوق الإنسانية.
ثم نكبر ونبلغ مبلغ الرجال فنرى في بلادنا سورية قانونا يحكم بالإعدام على مساحات واسعة من جيلنا لأنهم خالفوا رغبة الحاكم المتأله، ويصدر قانونُ العار عام ثمانين وتسع مئة وألف، ويبيد هذا المتأله في مجازر عديدة في سورية عشرات الآلاف، ثم يختمها في ذلك الوقت بمذابح يشيب لهولها الولدان في حماة الباسلة بعد عامين اثنين من ذلك التاريخ ويدمر أحياء كاملة، وكأنه يذبح دجاجة أو دجاجتين ولا تهتز في جسمه شعرة واحدة، بل يقتل عشرات الآلاف من المعتقلين ولا ترمش له عين.
فإذا ما جاء بعد وريثه - وكأننا في مملكة - يسلب الحكم فيها ويفرض بقوة الحزب والسلاح نفسه بعد أبيه قلنا: لعله شاب متنوّر يسير غير سيرة أبيه فقد تعلم في بلاد الديموقراطية، وكم من ولد خالف حياة أبيه ورفع ظلمه من بعده.
ويعد هذا وعوداً يتبين بعدها أنها حبر على ورق أو كلمات جوفاء في ظلام الصحراء، فقد أعلن بعد عشرة أعوام من حكمه أن ما قاله لم يكن وعوداً وإنما رؤية رآها لا تفرض عليه سلوكاً معيناً ولا خطاً

نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 731
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست