responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 2328
العنف والجبن
يقول المتنبي:
يرى الجبناء في العجز فخر ............................ وتلك خديعة الطبع اللئيم
وكل شجاعة في المرء تغني ........................ ولا مث الشجاعة في الحكيم
أذكر ُ أنني في أحد دروس علم النفس التي حضرتها فُتح نقاش ٌ مرّة عن التدرّج الذي يعوّد الإنسان على شيء ما، التدخين مثلا ً، فإذا قررت حكومة ما أن تمنع َ التدخين بشكل ٍ كلّي في بلادها فأسوأ طريقة ستكون عن طريق منعه ُ بشكل ٍ مباشر لأنّ هذا سيكون مرفوض كلّيا ً بالنسبة للشعب. أمّا أفضل طريقة فستكون عن طريق التدرّج بالمنع. في البداية يصبح التدخين داخل الأماكن المغلقة ممنوع، ثمّ وبعد أن تنتهي الاحتجاجات على هذا بفترة ٍ، يصدر ُ قانون آخر يقضي بمنع التدخين أمام وحول َ مداخل الأماكن المغلقة، وكذلك يترك المجال للممتعضين والمحتجين بالإحتجاج والإمتعاض وبعدها تتسع الدائرة أكثر فيصبح التدخين مسموحا ً بأماكن معيّنة فقط ضمن غرف ٍ خاصة، ويترك المجال مرة أخرى للمحتجين بالاحتجاج ومن ثمّ تكون الخطوة التالية هي منع التدخين بشكل ٍ كامل، وسيأتي احتجاج واسع ٌ عليها ولكنه ُ لن يكون كبيرا ً جدّا ً وسيهدأ بعد َ فترة فالفكرة لم تكن غريبة بل كانت متدرجة وكان المدخنون يتوقعون في لا وعيهم الوصول يوما ً إلى منع التدخين الكلّي أي أنهم مهيئين نفسيا ً مما يسهل عملية تقبلهم للفكرة.
كذلك الأمر بالنسبة للعنف، فأذا أردنا السماح بالعنف العام الجماعي يجب ُ أن نبدأ بغضّ النظر عن العنف الخاص الفرديّ. من هذا المبدأ بالذات لا أقبل َ أبدا ً بأن لا أدوّن عن العنف الجندري والتحرّش الجنسي بحجّة أن هناك َ عنفا ً آخر يُمارس ُ في شوارع سوريا. فالذي يحصل اليوم لا ينفصل ُ أبدا ً عن أحداث الشارع السوري بأحداثه اليوم. فمن يلجأ إلى العنف بدل الحوار لحلّ مشكلة ٍ في منزله سيلجأ للعنف لحلّ أي مشكلة ٍ تعترض ُ طريقه ُ ومن يلجأ للعنف الجماعي العام لن يتأخر دقيقة باللجوء للعنف الفرديّ الخاص في منزله.
أمّا عن التحرّش الجنسي فهو ليس َ غريبا ً عن أساليب قمع الحريّات بل هو أكثرها استخداما ً، فحتّى اليوم ومازالت أحد أساليب التعذيب النفسي المتعارف عليها هي تهديد المعتقل الذكر بـ " شرفه " من زوجته وبناته أو أمّه وأخوته، واتهام المعتقلة الانثى بشرفها بشكل ٍ طاعن.
وهذا قد يكون جوابا ً غير مباشر على غياب النساء إلى جانب الرجال في المظاهرات الاحتجاجيّة في سوريا في حين أنهم يخرجنَ في المسيرات المؤيدة. فمجتمعنا، شئنا أم أبينا، هو مجتمع ٌ ذكوريّ لن يقبل َ أبدا ً بأن تتعرّض نساؤه ُ لما يتعرّض له ُ رجاله ُ من عنف ٍ فيقوم بعزل المرأه في حالات ٍ كهذه للمحافظة عليها بالدرجة الأولى.

نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 2328
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست