responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 1410
هل يجوز العفو عن طواغيت العصر وأزلامهم؟
أيها الأحبة الكرام:
هناك أناس ليس لهم من هم إلا الكلام على سماحة الإسلام ورحمة الإسلام وعفو الإسلام، ونسوا أن الذي أمر بالسماحة والرحمة والعفو أمر بالعدل وإنصاف المظلوم ورد الحقوق لأصحابها وأمر بعقوبة العصاة بعقوبات رادعة مانعة، كما قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]
ففِي القِصَاصِ رَاحَةُ البَالِ، وَصِيَانَةُ النَّاسِ مِنِ اعتِدَاءِ بَعْضِهمْ عَلَى بَعْضِهِم الآخَرِ، لأَنَّ مَعْرِفَةَ النَّاسِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ يُعَاقَبُ بِالقَتْلِ، تَحْمِلُهُمْ عَلَى الارتِداعِ عَنِ القَتْلِ، فَتُصَانُ حَيَاةُ النَّاسِ، وَحَيَاةُ مَنْ يُفَكِّرُ بِالقَتْلِ. وَخَصَّ اللهُ تَعَالَى بِالنِّداءِ أَرْبَابَ العُقُولِ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى أَنَّ الذِينَ يَفْهَمُونَ قِيمَةَ الحَيَاةِ، وَيُحَافِظُونَ عَلَيهَا هُمُ العُقَلاَءُ. وَإِذا تَدَبَّرَ أُولًو الأَلبَابِ الحِكْمَةَ مِنْ شَرْعِ القِصَاصِ حَمَلَهُمْ ذلِكَ عَلَى اتِّقَاءِ الاعتِدَاءِ، وَالكَفِّ عَنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ.
يطنطن البعض اليوم بالدعوة إلى العفو عن رموز الفساد من النظام البائد في مصر وغدا في سورية، بمن فيهم من ثبتت عليهم تهم الانتهاك لحرمات الشعب ونهب ثرواته وإفساد الحياة العامة على كل صعيد، ولا أدري كيف واتتهم الجرأة على التصريح بالدعوة إلى العفو عن هؤلاء المجرمين، بل والدعوة إلى العفو عن رأس النظام ذاته، وهو المسؤول الأول عن كل هذه الجرائم .. نعم إنها جرأة متبجحة تجاوزوا بها الشرع وأهدروا بها حقوق المقهورين المظلومين بدم بارد.
فمن ذا يملك حق العفو عن أنفس أزهقت بغير حق، أو حقوق سلبت ليس لغير أصحابها التنازل عنها؟
لقد اختص الله تعالى أولياء القتيل وحدهم بحقهم في القصاص أو العفو إن شاءوا .. (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً) [الإسراء: 33]، عفو مع الدية الواجبة أو بالتجاوز عنها، ودية القتيل حق محفوظ لأوليائه وإن كان القتل خطأً ــ فرضاً ــ، وهي أيضاً حق مضمون وإن كان القاتل مجنوناً أو مغلوباً على عقله، ما يدل على أن دم القتيل بغير حق دم مصون لا يهدر بحال.
والذي يهمنا التأكيد عليه هنا، أن صدور العفو عن غير أولياء القتيل تصرف فضولي لا اعتبار له في ميزان الشرع، ومن يتصرف في هذا الحق من غير الأولياء أو يدعو إلى سلبهم إياه ــ ولو يمنحه للأمة ــ تصرف بما لا يملك، ثم إنه يسعى إلى العفو عمن لا يزال الكثير منهم غير مقدور عليه أو غير مقدور على استرداد ما سلبه.
وإذا شاء هؤلاء أن يعاملوا سفكة الدماء وسراق الثروات ومشيعي الفساد بالعفو؛ فإنه يلزمهم أن يحصلوا على توقيع كل من كانت له مظلمة بالموافقة على العفو، وذلك يشمل 85 مليون نفس أو

نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 1410
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست