responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا نویسنده : محمد خلدون مالكي    جلد : 1  صفحه : 68
وأمَّا أنَّ الخلافة هي مؤسسة اتفقت الجماعة على إقامتها فهو منافٍ للواقع ومخالفٌ للحقيقة؛ فالخلافة منصبٌ دينيٌّ تمتدُّ جذوره إلى عمق الشريعة، وهي مؤسَّسة شرعيَّة دعا إليها الشَّرع، ولم تتفق الأمَّة على إقامتها إلا بعد أن طلبها الشَّرع - كما سيأتي - والشَّرع مليءٌ بالأدلَّة على أنَّه نظَّم أمر الأمَّة في كل شيء، وجعل لها في كل مجال إماماً أو أميراً، بدءاً من أبسط حالات الاجتماع بين المسلمين، وانتهاءً بأعقدها. فقد أمر بتنصيب أميرٍ على الجماعة في السفر حتى ولو كانوا ثلاثة قال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمِّروا أحدَهم» [1]، وأمَرَ بالإمامة في الصلاة حتى ولو كانا اثنين فقط عندما قال - صلى الله عليه وسلم - لرجلين يريدان السفر: «إذا أنتما خرجتما فأذِّنا ثم أقيما ثم ليؤمُّكما أكبركما» [2] وهكذا في كل الأمور. وأمَّا القول بأنَّ الخليفة ينوب عن الأمة في تسيير شؤونها، فهو قولٌ صحيحٌ على ألا نقول إنَّه يستمد سلطاته منها وإنها مصدر شرعيتَّه كما هو الحال في الأنظمة الوضعيَّة [3]، لأنَّنا حينئذ نكون قد عكسنا الحقيقة، فمهمَّة الخليفة تطبيق حكم الله في الأمَّة، لا تطبيق حكم الأمَّة في نفسها قال - عز وجل -: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} الأنعام/57، يوسف/40. فليس للأمَّة بمفردها أن تحكم كما تشاء، ولكن وِفْقَ إرادةِ الله المتمثِّلةِ بشرعه، ثمَّ إنك لن تجد للأمَّة رأياً موحَّداً، فللنَّاس أهواء وميول مختلفة ومتضاربة، فالخليفة في هذا مثل القاضي الذي يُعَيِّنه، فإنَّه يحكم وفق الشَّرع لا

[1] سنن أبي داود: 2/ 36 كتاب الجهاد، باب في القوم يسافرون .. رقم (2608) عن أبي سعيد. وصحيح ابن خزيمة: 4/ 141 رقم (2541) عن عمر. والمستدرك: 1/ 611 رقم (1623) عن عمر وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ومسند أبي عوانة: 4/ 514 رقم (7538) عن أبي سعيد. وسنن البيهقي الكبرى: 5/ 257 كتاب الحج، باب القوم يؤمرون أحدهم، بدون رقم عن أبي هريرة. وغيرهم.
[2] روي عن مالك بن الحويرث في: صحيح البخاري: 1/ 226 كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر رقم (604). وصحيح مسلم: 1/ 466 كتاب المساجد، باب من أحق الإمامة رقم (674). وسنن الترمذي: 1/ 399 كتاب الصلاة باب ما جاء في الأذان في السفر رقم (205). وسنن النسائي: 2/ 8 كتاب الأذان، باب أذان المنفردين في السفر رقم (634). والسنن الكبرى للنسائي: 1/ 280 كتاب الإمامة والجماعة، تقديم ذي السن رقم (856).
[3] إن قيام المجتهدين في الدولة الإسلامية بمحاولة معرفة حكمٍ من أحكام الأمور المستجدة في وقائع الحياة المتجددة، ليس تشريعاً بالمعنى المطلق للكلمة، وليس عملُ المجتهدين في النظام الإسلامي مقابلاً للمجالس التشريعية في الأنظمة الوضعية، لأن مهمة المجتهدين هي معرفة حكم الله في واقعة معينة استناداً لأدلة شرعية كثيرة معروفة في كتب أصول الفقه وغيرها، فعملهم هو إظهار حكم الله.
نام کتاب : تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا نویسنده : محمد خلدون مالكي    جلد : 1  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست