responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر    جلد : 1  صفحه : 601
وقومه فقال: {إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ} هذا استفهام بمعنى الإنكار، وإلزام لهم بالحجة.
{أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ} أي: أتعبدون من دون الله - سبحانه وتعالى - آلهة كذبًا، ليست بآلهة، ولا تصلح للعبادة، فما ظنكم برب العالمين، أن يفعل بكم وقد عبدتم معه غيره؟ وهذا ترهيب لهم بالجزاء بالعقاب على الإقامة على شركهم.
وما الذي ظننتم برب العالمين، من النقص حتى جعلتم له أندادًا وشركاء.
فأراد - عليه السلام -، أن يكسر أصنامهم، ويتمكن من ذلك، فانتهز الفرصة في حين غفلة منهم، لما ذهبوا إلى عيد من أعيادهم، فخرج معهم.
• كذب ولكن:
{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ}
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَام قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ: ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللهِ قَوْلُهُ {إِنِّي سَقِيمٌ}، وَقَوْلُهُ {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}.وَوَاحِدَةٌ فِي شَأْنِ سَارَةَ فَإِنَّهُ قَدِمَ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ فَقَالَ لَهَا: «إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ، فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي؛ فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ مُسْلِمًا غَيْرِي وَغَيْرَكِ».
فَلَمَّا دَخَلَ أَرْضَهُ رَآهَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَبَّارِ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: «لَقَدْ قَدِمَ أَرْضَكَ امْرَأَةٌ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَكُونَ إِلَّا لَكَ»، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأُتِيَ بِهَا فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ - عليه السلام - إِلَى الصَّلَاةِ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا فَقُبِضَتْ يَدُهُ قَبْضَةً شَدِيدَةً فَقَالَ لَهَا: «ادْعِي اللهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِي وَلَا أَضُرُّكِ»، فَفَعَلَتْ.
فَعَادَ فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنْ الْقَبْضَةِ الْأُولَى فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَفَعَلَتْ، فَعَادَ فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنْ الْقَبْضَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَقَالَ: «ادْعِي اللهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِي فَلَكِ اللهُ أَنْ لَا أَضُرَّكِ»، فَفَعَلَتْ وَأُطْلِقَتْ يَدُهُ، وَدَعَا الَّذِي جَاءَ بِهَا فَقَالَ لَهُ: «إِنَّكَ إِنَّمَا أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ وَلَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ»، فَأَخْرِجْهَا مِنْ أَرْضِي وَأَعْطِهَا هَاجَرَ.
قَالَ: فَأَقْبَلَتْ تَمْشِي فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيمُ - عليه السلام - انْصَرَفَ فَقَالَ لَهَا: مَهْيَمْ؟ قَالَتْ: خَيْرًا كَفَّ اللهُ يَدَ الْفَاجِرِ، وَأَخْدَمَ خَادِمًا» (رواه البخاري ومسلم).
وَأَمَّا إِطْلَاقه الْكَذِب عَلَى الْأُمُور الثَّلَاثَة فَلِكَوْنِهِ قَالَ قَوْلًا يَعْتَقِدهُ السَّامِع كَذِبًا لَكِنَّهُ إِذَا حُقِّقَ لَمْ يَكُنْ كَذِبًا كَذِبًا مَذْمُومًا لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدهمَا: أنَّهُ مِنْ بَاب الْمَعَارِيض الْمُحْتَمِلَة لِلْأَمْرَيْنِ فَلَيْسَ بِكَذِبٍ مَحْض، فَقَوْله: (إِنِّي سَقِيمٌ) يُحْتَمَل أَنْ يَكُون أَرَادَ إِنِّي سَقِيمٌ أَيْ سَأُسْقَمُ وَاسْم الْفَاعِل يُسْتَعْمَل بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَل كَثِيرًا، وَيُحْتَمَل أَنَّهُ أَرَادَ إِنِّي سَقِيمٌ بِمَا قُدِّرَ عَلَيَّ مِنْ الْمَوْت أَوْ سَقِيم الْحُجَّة عَلَى الْخُرُوج مَعَكُمْ.
وَقَوْله: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا قَالَهُ تَمْهِيدًا لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ الْأَصْنَام لَيْسَتْ بِآلِهَةٍ وَقَطْعًا لِقَوْمِهِ فِي قَوْلهمْ إِنَّهَا تَضُرّ وَتَنْفَع، وَهَذَا الِاسْتِدْلَال يَتَجَوَّز فِيهِ الشَّرْط الْمُتَّصِل، وَلِهَذَا أَرْدَفَ قَوْله: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) بِقَوْلِهِ: (فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) قَالَ اِبْن قُتَيْبَة: مَعْنَاهُ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ فَقَدْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، فَالْحَاصِل أَنَّهُ مُشْتَرَط بِقَوْلِهِ: (إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) أَوْ أَنَّهُ أَسْنَدَ إِلَيْهِ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ السَّبَب.
وَقَوْله: «هَذِهِ أُخْتِي» يُعْتَذَر عَنْهُ بِأَنَّ مُرَاده أَنَّهَا أُخْته فِي الْإِسْلَام.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذِبًا لَا تَوْرِيَةَ فِيهِ لَكَانَ جَائِزًا فِي دَفْع الظَّالِمِينَ، وَقَدْ اِتَّفَقَ الْفُقَهَاء عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَاءَ ظَالِم يَطْلُب إِنْسَانًا مُخْتَفِيًا لِيَقْتُلَهُ، أَوْ يَطْلُب وَدِيعَة لِإِنْسَانٍ لِيَأْخُذَهَا غَصْبًا، وَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ، وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ إِخْفَاؤُهُ وَإِنْكَار الْعِلْم بِهِ، وَهَذَا كَذِب جَائِز، بَلْ وَاجِب لِكَوْنِهِ فِي دَفْع الظَّالِم، فَنَبَّهَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْكَذَبَات لَيْسَتْ دَاخِلَة فِي مُطْلَق الْكَذِب الْمَذْمُوم.
قَوْلُهُ: (مَهْيَمْ) مَعْنَاهَا: مَا الْخَبَرُ. قَوْله: (فَلَكِ اللهُ) أَيْ شَاهِدًا وَضَامِنًا أَنْ لَا أَضُرَّك. قَوْلهَا: (وَأَخْدَمَ خَادِمًا) أَيْ وَهَبَنِي خَادِمًا، وَهِيَ هَاجَرَ.
وَالْخَادِمُ يَقَع عَلَى الذَّكَر وَالْأُنْثَى.

نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر    جلد : 1  صفحه : 601
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست