responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فصول في الثقافة والأدب نویسنده : الطنطاوي، علي    جلد : 1  صفحه : 208
غادَرْتَ فيها بَهيمَ الليلِ وهْو ضُحىً ... يُشِلّهُ [1] وَسْطَها صُبْحٌ مِنَ اللهَبِ
حتى كأنَّ جَلابيبَ الدُّجى رَغِبَتْ ... عن لونِها، أو كأنَّ الشّمسَ لم تَغِبِ
ضَوْءٌ من النّارِ، والظَّلْماءُ عاكِفَةٌ ... وظُلْمَةٌ من دُخانٍ في ضُحىً شَحِبِ
فالشّمسُ طالِعَةٌ مِنْ ذا وقد أَفَلَتْ ... والشّمسُ واجِبةٌ مِنْ ذا ولم تَجِبِ
فانظر كيف وصف الحريق:
1 - أتت النّار على كل ما في البنيان من حجر وأخشاب، فأفاض الشاعر على هذه الحقيقة خيالَه وصَبَّ في هذه الجامدات الحياة، فإذا الجذوع التي كانت تتمايل تيهاً وفخراً والصخرُ الذي كان يَشمخ عُجْباً وكِبْراً قد عادا -أمام النار- ذليلَين مَهينَين.
2 - ولم تكن هذه الصورة إلا ارتفاع الطيّارة عن الأرض في طريقها إلى طِباق الجو؛ فلما فرغ منها أوغل في خياله، فإذا هذا الحريق يجيء بأعجوبة، فيبدّل قوانين الكون ويداخل الأوقات بعضها ببعض، فيجعل الليل البهيم ضُحى سافراً.
3 - ثم لا يدعك تطمئن إلى هذه الصورة العجيبة ولا ينتظرك لتفكّر فيها وتدرك أسرارها، حتى يسرع إليك فيمحوها ويقرّر أنه لم يبدَّل الليل ضُحىً، فالليل ليل، ولكن الصبح عجّل في مسيره

[1] يقال: شَلّ الصباحُ الظلامَ، بمعنى غلبه (مجاهد).
نام کتاب : فصول في الثقافة والأدب نویسنده : الطنطاوي، علي    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست