responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 141
ميادين التعاون
(لقد أقام الإسلام التعاون بين المسلمين على أساس محكم، ومدَّ له في كل ناحية من نواحي الحياة بسبب. فالتمثيل القرآني لأهل الإيمان أنهم كالبنيان المرصوص، وفي التمثيل النبوي كالجسد الواحد. فأمور الإسلام ومطلوباته لا تتحقق على وجهها إلا بالتعاون. ودين الله بنيان شامخ لا يقوم ولا يثبت إلا حين تتراص لبناته وتتضامن مبانيه لتسد كل لبنة ثغرتها.
وإذا كان الله سبحانه قد خلق الخلق لعبادته وطاعته فإن هذه العبادات والطاعات أنواع: قلبية عقلية كالإيمان، وبدنية كالصلاة، ومالية كالزكاة، ومركبة من البدن والمال كالحج والجهاد.
وكل هذه العبادات بأنواعها لا تقام ولا تشاد إلا بوسائلها: من صحة الفكر، وسلامة البدن، وسعة ذات اليد. ولهذه الوسائل وسائل: من التفقه في الدين، والإحسان في الأعمال؛ من زراعة وصناعة وحرف، وإتقان في العلوم والمعارف؛ من الطب والحساب والهندسة والمعامل والمختبرات. ومن المقطوع به - كما سبق - أن الإنسان بمفرده بل حتى الرهط من الناس والجماعة المحدودة من القوم لا تستطيع بهذه الوسائل الانفراد بتحقيق هذه المقاصد. ومنه يتبين حاجة الناس إلى الاجتماع والتآزر، فذلك ما تقتضيه الفطرة، ويتطلبه الدين، وتنتظم به الشؤون، وتستقيم به العلوم.
وهذا بعض البسط لصور من التعاون في أحكام الإسلام وآدابه، وإذا استجلاها رجل الدعوة عرف ضرورة التعاون وحاجته إليه في ميدانه ومجاله.
فالصلوات الخمس جماعة وجمعة، وصلاة العيدين وآدابهما، والحج بشعائره، وعقد النكاح بوليمته وآدابه، وعقيقة المولود، وإجابة الدعوى حتى للصائم، كلها مناشط عبادية اجتماعية تعاونية، ولا تكون صورتها الشرعية إلا كذلك.
وينضم إلى اجتماع الأعياد اجتماع الشدائد والكرب في صلوات الاستسقاء والكسوف والجنازة.
إنه انتظام عجيب بين أهل الإسلام في مواطن السرور والحزن، ناهيك بصورة الأخوة، ومبدأ الشورى، وحقوق المسلمين فيما بينهم؛ في القربى والجوار والضيف وابن السبيل واليتامى والمساكين، مع ما يحيط بذلك من سياج الآداب الاجتماعية؛ من إفشاء السلام، وفسح المجالس، ودمح الزلة، مما بسطه قانون الأخلاق في الإسلام، ...
أما أنواع المعاملات والتعاملات فذلك جلي في عقود المضاربة والعارية والهبة والمهاداة وفرض الدية على العاقلة.
وثمة صور من المعاونات في كف الظلم، ونصرة المظلوم، ودفع الصائل بسلاح أو مال. بل هل يقوم الجهاد، وتقام الحدود، وتستوفى الحقوق، ويقوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالتعاون والتآزر.
وهناك التعاون بالرأي، بما يدل على الحق، ويخرج من الحيرة، وينقذ من المأزق والهلكة، في النصيحة والمشاورة، وقد يكون تعاوناً بالجاه؛ من الشفاعة لذي الحاجة عند من يملك قضاءها.
ومن هنا قال القرطبي رحمه الله: " فواجب على الناس التعاون، فالعالم يعين بعلمه، والغني بماله، والشجاع بشجاعته في سبيل الله، وأن يكون المسلمون متظاهرين كاليد الواحدة، فالمؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم ".
فإذا وضع المسلمون أيديهم على هذه الأسباب الوثيقة، يتقدمهم أولو الأمر والعلماء والدعاة بلغوا المكانة المحفوفة بالعزة المشار إليها بقوله سبحانه: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8]) [1].

[1] ((مجلة البحوث الإسلامية)) العدد (51)، ربيع الأول – جمادى الثانية، 1418هـ، ص (212 - 215).
نام کتاب : موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست