responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 630
ولم يجعل الله سبحانه وتعالى عدم معرفتهم لآبائهم الحقيقيين مبررًا لإبقاء تبنيهم لهم، بل حرم التبني في هذه الحالة، وأخبر أنهم حينئذ إخوانهم ومواليهم، فقال تعالى: (ادْعُوهُمْ لآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الأحزاب: [5]]. أي فإن لم تعرفوا آباءهم فليس بينكم وبينهم إلا الأخوة في الدين والموالاة، وذلك عوضًا عما فاتهم من النسب، فيقال: فلان مولى فلان، أو مولى بني فلان [1].
وهذه الأخوة في الدين والموالاة لها أهمية كبرى، فهي ثابتة حتى للذين عرف آباؤهم؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة - رضي الله عنه -: «أنت أخونا ومولانا» [2] أي أخونا في الإسلام والولاية، كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات: 10]. وجاءت نصوص أخرى تعالج هذا الأمر من جهة أخرى، وهي جهة الابن، فجاء تحريم الانتساب إلى غير الأب الحقيقي والمنتسب يعلم ذلك تحريمًا قاطعًا لا شبهة فيه [3] , قال صلى الله عليه وسلم: «من ادعى إلى غير أبيه أو انتهى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله تعالى منه صرفًا ولا عدلاً [4]» [5].
وقد جعل الشارع لنشوء النسب سببًا واضحًا هو الاتصال بالمرأة عن طريق الزواج أو ملك اليمين، وأبطل ما كان يجري عليه أهل الجاهلية من إلحاق الأولاد عن طريق العهر والزنا قال صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» [6] ومعناه أن من يجيء من الأولاد ثمرة لفراش صحيح قائم على عقد الزواج أو ملك اليمين يلتحق نسبه بأبيه، وأن العهر والزنا لا يصلح أن يكون سببًا للنسب، وإنما يكون سببًا لشيء آخر هو الرجم والحجارة [7].
ثم إن الله سبحانه وتعالى بعد أن منع وحرم دعوة الابن بنسبته إلى من تبناه وأمر بدعوته منسوبًا إلى أبيه الحقيقي إن عرف، أو إلى الأخوة في الدين والموالاة بعد ذلك بين حكم من أخطأ أو تعمد مخالفة هذا التشريع الإلهي, قال تعالى: (ادْعُوهُمْ لآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِن مَّا

[1] انظر: تفسير السعدي (4/ 136).
[2] البخاري في الصلح (2/ 267) رقم 2699.
[3] انظر: قضايا نساء النبي والمؤمنات، ص189.
[4] صرفا: توبة، وقيل: نافلة، عدلا: أي فدية وقيل: فريضة.
[5] البخاري في الحدود (4/ 254) رقم (6818).
[6] البخاري في الحدود (4/ 254) رقم 6818.
[7] انظر: علاقة الآباء بالأبناء في الشريعة الإسلامية، د. سعاد الصانع، ص52، 53.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 630
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست