responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 566
وَالجَوَابُ:
1) لَيْسَ في ذَلِكَ حُجَّةٌ لِذَلِكَ بَلْ فِيْهِ حُجَّةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَمَعْنَى الآيَتَيْنِ عِنْدَ جَمِيْعِ المُفَسِّرِيْنَ: أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُطْلِعُ رُسُلَهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنَ الغَيْبِ آيَةً لَهُم وَمُعْجِزَةً، وَهَذَا يَشْمَلُ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ وَحَتَّى مَا ذُكِرَ عَنْ عِيْسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَيَشْمَلُ أَيْضًا المَلَائِكَةَ فَهُم رُسُلُ اللهِ تَعَالَى أَيْضًا. [1] (2)
2) كَوْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُطْلِعَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الغَيْبِ؛ لَا يَعْنِي أَنَّهُ يَعْلَمُهُ كُلَّهُ بِنَفْسِهِ عِلْمًا ذَاتِيًا - كَمَا يَزْعُمُ بَعْضُهُم -، وَقَدْ سَبَقَ فِي رَدِّ الشُّبُهَاتِ السَّابِقَةِ بَيَانُ أَمْثِلَةٍ مِنْ ذَلِكَ كَحَدِيْثِ (إِنَّكُم تَخْتَصِمُوْنَ إِلَيَّ)، وَحَدِيْثِ (مَتَى السَّاعَةُ) [3]، وَكَحَدِيْثِ (إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوْا بَعْدَكَ) , وَ ....
3) هَذِهِ الأَشْيَاءُ الَّتِيْ أُطْلِعَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ مِنْ بَابِ إِظْهَارِ الآيَاتِ عَلَى صِدْقِهِ وَعَلَى تَأْيِيْدِ رَبِّهِ لَهُ، وَلَا يَمْلِكُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا اسْتِقْلَالًا [4]؛ بَلْ هِيَ مَقْرُوْنَةٌ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى، وَلَهُ الحِكْمَةُ البَالِغَةُ فِي إِطْلَاعِهِ عَلَيْهَا مَتَى شَاءَ وَأَيْنَمَا شَاءَ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِرَسُوْلٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} (الرَّعْد:38). (5)

[1] قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ في التَّفْسِيْرِ (247/ 8): (وَقَوْلُهُ {عَالِمُ الغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُوْلٍ} هَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُحِيْطُوْنَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ} (البَقَرَةِ:255) وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: إِنَّهُ يَعْلَمُ الغَيْبَ وَالشَّهَادَةَ، وَإِنَّهُ لَا يَطَّلِعُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا مِمَّا أَطْلَعَهُ تَعَالَى عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُوْلٍ} وَهَذَا يَعُمُّ الرَّسُوْلَ المَلَكِيَّ وَالبَشَرِيَّ).
(2) قُلْتُ: وَأَمَّا عِلْمُ المَلَكِ وَكِتَابَتُهُ فِي الرَّحِمِ عَنِ النُّطْفَةِ فِي رِزْقِهَا وَأَجَلِهَا وَعَمَلِهَا وَالشِّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ فَهُوَ مِنْ تَعْلِيْمِ اللهِ تَعَالَى لَهُ.
وَأَمَّا عِلْمُهُ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عَلِمَ مَا فِي الأَرْحَامِ؛ وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى خَصَّ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ بِعِلْمِ خَمْسَةٍ مِنْ عِلْمِ الغَيْبِ وَمِنْهَا {وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} (لُقْمَان:34)؛ فَهُوَ - كَمَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ المُحَقِّقِيْنَ - أَنَّهُ بَعْدَ الاثْنَتَيْنِ وَالأَرْبَعِيْنَ - وُفْقًا لِحَدِيْثٍ فِي كِتَابَةِ ذَلِكَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيْدٍ مَرْفُوْعًا فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ - فَإِنَّهُ يَخْرُجُ عِلْمُ نَوْعِ الجَنِيْنِ مِنْ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَنِ اخْتِصَاصِ اللهِ تَعَالَى بِهِ؛ وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُوْنُ غَيْبًا مُطْلَقًا.
وَمِثْلُهُ مَعْرِفَةُ الأَطِبَّاءِ - غَالِبًا - بِمَا فِي الرَّحِمِ بَعْدَ أَشْهُرٍ مِنْ تَكْوِيْنِهِ؛ فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللهَ مَكَّنَهُم مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مَحْضَ عِلْمٍ بِالغَيْبِ مِنْهُم.
وَقَدْ نَقَلَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (216/ 1) عَنِ القُرْطُبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ (أَنَّ هَذِهِ الخَمْسَ لَا سَبِيْلَ لِمَخْلُوْقٍ عَلَى عِلْمٍ بِهَا قَاطِعٍ، وَأَمَّا الظَّنُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا بِأَمَارَةٍ قَدْ يُخْطِئُ وَيُصِيْبُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُمْتَنِعٍ، وَلَا نَفْيُهُ مُرَادٌ مِنْ هَذِهِ النُّصُوْصِ).
[3] وَقَدْ أَوْرَدَ بَعْضُ أَهْلِ الضَّلَالِ هَاهُنَا شَرْحًا عَجِيْبًا لِذَلِكَ فَقَالُوا: (مَا المَسْؤُوْلُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ) أَنَّ المَعْنَى: أَنَا وَأَنْتَ فِي العِلْمِ بِهَا سَوَاءٌ؛ فَكَمَا تَعْلَمُهَا أَنْتَ؛ أَعْلَمُهَا أَنَا!!
قُلْتُ: وَيَرُدُّهُ آخِرُ الحَدِيْثِ، وَفِيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ تَلَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} (لُقْمَان:34).
[4] أَيْ: لَيْسَ لَهُ فِيْهَا اخْتِيَارٌ وَلَا قَصْدٌ؛ وَإِلَّا فَكُلُّ شَيْءٍ مَقْرُوْنٌ بِحَوْلِ اللهِ تَعَالَى وَمَشِيْئَتِهِ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.
(5) وَقَالَ تَعَالَى أَيْضًا {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُوْنَ} (إِبْرَاهِيْم:11).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 566
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست