responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 564
- الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ) قَوْلُ صَاحِبِ البُرْدَةِ فِي هَمْزِيَّتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكَ فِي القَلْبِ دَاءٌ) لَيْسَ فِيْهِ مَحْظُوْرٌ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَعْطَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمَ مَعْرِفَةِ القُلُوْبِ!!
وَالجَوَابُ:
1) أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَكَذِبٌ عَلَى رَسُوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ فَقَالَ عَنْ نَفْسِهِ: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} (طَهَ:7)،
وَقَالَ أَيْضًا سُبْحَانَهُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوْهُ} (البَقَرَة:235)،
وَقَالَ أَيْضًا سُبْحَانَهُ: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُوْنَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} (التَّوْبَة:101) ([1]
وَقَالَ أَيْضًا سُبْحَانَهُ: {وَآخَرِيْنَ مِنْ دُوْنِهِمْ لَا تَعْلَمُوْنَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ} (الأَنْفَال:60)،
وَفِي الحَدِيْثِ (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُوْنَ إِلَيَّ؛ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيْهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ؛ فَلَا يَأْخُذْهَا) ([2]
وَفِي الحَدِيْثِ (أَلَا إِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ؛ فَأَقُوْلُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي! فَيُقَالُ: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ) ([3]
وَكَمَا فِي حَدِيْثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي رَدِّهَا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ؛ حَيْثُ قَالَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ؛ فَقَدْ كَذَبَ ثُمَّ قَرَأَتْ: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ؛ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُوْلُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (4)
2) أَمَّا مَا يُخْبِرُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُمُوْرِ المُغَيَّبَاتِ؛ فَهُوَ بِإِطْلَاعِ اللهِ تَعَالَى لَهُ عَلَيْهِ - وَلَيْسَ اسْتِقْلَالًا [5] - لِذَلِكَ أَثْبَتَ اللهُ تَعَالَى الإِظْهَارَ مِنْهُ إِلَيْهِ وَنَفَى عَنْهُ العِلْمَ.
قَالَ تَعَالَى: {عَالِمُ الغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُوْلٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} (الجِنّ:26) [6]، وَقَالَ أَيْضًا سُبْحَانَهُ فِي النَّفْي: {قُلْ لَا أَقُوْلُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعِلْمُ الغَيْبِ} (الأَنْعَام:50).

[1] قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في التَّفْسِيْرِ (ص350): ((مَرَدُوا) أَيْ: تَمَرَّنُوا عَلَيْهِ، وَاسْتَمَرُّوا وَازْدَادُوا فِيْهِ طُغْيَانًا).
[2] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (2680) عَنْ أمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوْعًا.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (الشِّفَا بِتَعْرِيفِ حُقُوْقِ المُصْطَفَى) (ص875): (وَيُجْرِي أَحْكَامُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الظَّاهِرِ وَمُوْجِبِ غَلَبَاتِ الظَّنِّ؛ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَيَمِيْنِ الحَالِفِ وَمُرَاعَاةِ الأَشْبَهِ، وَمَعْرِفَةِ العِفَاصِ (الوِعَاءُ) وَالوِكَاءِ (مَا يُرْبَطُ بِهِ) مَعَ مُقْتَضَى حِكْمَةِ اللهِ فِي ذَلِكَ.
فَإِنَّهُ تَعَالَى- لَوْ شَاءَ- لَأَطْلَعَهُ عَلَى سَرَائِرِ عِبَادِهِ وَمُخَبَّئَاتِ ضَمَائِرِ أُمَّتِهِ؛ فَتَوَلَّى الحُكْمَ بَيْنَهُمْ بِمُجَرَّدِ يَقِيْنِهِ وَعِلْمِهِ دُوْنَ حَاجَةٍ إِلَى اعْتِرَافٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ يَمِيْنٍ أَوْ شُبْهَةٍ، وَلَكِنْ لَمَّا أَمَرَ اللهُ أُمَّتَهُ بِاتِّبَاعِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ وَقَضَايَاهُ وَسِيَرِهِ، وَكَانَ هَذَا - لَوْ كَانَ - مِمَّا يُخَصُّ بِعِلْمِهِ وَيُؤْثِرُهُ اللهُ بِهِ؛ لَمْ يَكُنْ لِلْأُمَّةِ سَبِيْلٌ إِلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا قَامَتْ حُجَّةٌ بِقَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ لِأَحَدٍ فِي شَرِيْعَتِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ مَا أُطْلِعَ عَلَيْهِ هُوَ فِي تِلْكَ القَضِيَّةِ بِحُكْمِهِ هُوَ إِذْنٌ فِي ذَلِكَ بِالمَكْنُوْنِ مِنْ إِعْلَامِ اللهِ لَهُ بِمَا أَطْلَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ سَرَائِرِهِمْ، وَهَذَا مَا لَا تَعْلَمُهُ الأُمَّةُ، فَأَجْرَى اللهُ تَعَالَى أَحْكَامَهُ عَلَى ظَوَاهِرِهِمُ الَّتِيْ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنَ البَشَرِ لِيَتِمَّ اقْتِدَاءُ أُمَّتِهِ بِهِ فِي تَعْيِيْنِ قَضَايَاهُ وَتَنْزِيْلِ أَحْكَامِهِ).
[3] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4740) عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ مَرْفُوْعًا.
(4) البُخَارِيُّ (4855)، وَمُسْلِمٌ (177).
[5] قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِرَسُوْلٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} (الرَّعْد:38).
[6] قَالَ أَبُو حَيَّانَ الأَنْدَلُسِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيْرِهِ (البَحْرُ المُحِيْطُ) (132/ 3): (فَاطِّلَاعُ الرَّسُوْلِ عَلَى الغَيْبِ هُوَ بِإِطْلَاعِ اللهِ تَعَالَى بِوَحْيٍ إِلَيْهِ، فَيُخْبَرُ بِأَنَّ فِي الغَيْبِ كَذَا مِنْ نِفَاقِ هَذَا وَإِخْلَاصِ هَذَا، فَهُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الوَحِي، لَا مِنْ جِهَةِ اطِّلَاعِهِ نَفْسِهِ مِنْ غَيرِ وَاسِطَةِ وَحْيٍ عَلَى المُغَيَّبَاتِ).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 564
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست