responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 554
5) (لَوْ نَاسَبَتْ قَدْرَهُ آيَاتُهُ عِظَمًا ... أَحْيَا اسْمُهُ حِيْنَ يُدْعَى دَارِسَ الرِّمَمِ)
التَّعْلِيْقُ: يَعْنِي أَنَّ آيَاتِهِ (مُعْجِزَاتِهِ) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ أَقْلُ مِنْ قَدْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ تُنَاسِبُهُ لَكَانَ اسْمُهُ - إِذَا دَعَاهُ الدَّاعِي- يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيْمٌ، وَهَذَا غُلُوٌّ قَبِيْحٌ، وَشِرْكٌ بِاللهِ تَعَالَى، فَإِنَّ مِنْ آيَاتِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْآنُ العَظِيْمُ، وكَيْفَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَقُوْلُ: إِنَّ القُرْآنَ لَا يُنَاسِبُ قَدْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1]!! فَهُنَا قَدْ جَمَعَ المُؤَلِّفُ بَيْنَ عَظِيْمَتَيْنِ - وَلَا أَدْرِيْ أَيَّتُهُمَا أَعْظَمُ -:
الأُوْلَى) أَنَّ آيَاتِهِ لَمْ تُنَاسِبْ قَدْرَهُ - وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ أَعْظَمَ آيَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ القُرْآنُ الكَرِيْمُ - فَهَذَا كُفْرٌ بِاللهِ تَعَالَى شَنِيْعٌ، فَالقُرْآنُ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ - يُحْلَفُ بِهِ - لَا يُقَارَنُ بشَيْءٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ تَعَالَى، فكَيْفَ إِذَا جُعِلَ أَدْنَى مِنْ مَقَامِ مَخْلُوْقٍ! بَلْ قَدْ جَعَلَ النَّاظِمُ أَيْضًا إِحْيَاءَ المَوْتَى أَعْظَمَ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيْمِ. (2)
الثَّانِيَةُ) أَنَّ المُنَاسَبَةَ بَيْنَ قَدْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَآيَاتِهِ - لَوْ تَمَّتْ - لَكَانَ دُعَاءُهُ يُحْيي المَيِّتَ، وَهَذَا كَذِبٌ وَشِرْكٌ بِالله تَعَالَى، فَمِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّ آيَاتِهِ لَمْ تُنَاسِبْ قَدْرَهُ، وَمِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّ دُعَائَهُ لَوْ نَاسَبَ قَدْرَهُ؛ فَإِنَّهُ يُحْيي المَيِّتَ، وَاللهُ تَعَالَى هُوَ وَحْدَهُ الَّذِيْ يُحْيي المَوْتَى، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْسِهِ {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُوْلُوْنَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُوْنَ} (يُوْنُس:31).

[1] وَلَكِنَّهُ - لِلأَسَفِ - مُسْتَقِيْمٌ عَلَى مَذْهَبِ الأَشَاعِرَةِ، حَيْثُ جَعَلُوا القُرْآنَ الكَرِيْمَ - الَّذِيْ نَتْلُوْهُ فِي صَلَاتِنَا - لَيْسَ كَلَامَ اللهِ تَعَالَى حَقِيْقَةً، لِأَنَّ كَلَامَ اللهِ تَعَالَى عِنْدَهُم هُوَ كَلَامُهُ القَائِمُ بِنَفْسِهِ - الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ -؛ بِخِلَافِ المَتْلُوِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا حَرَجَ في ذَلِكَ البَيْتِ قَطُّ!
قُلْتُ: وَانْظُرْ كَلَامَ البَاجُوْرِيِّ في شَرْحِ ذَلِكَ البَيْتِ مِنَ البُرْدَةِ حَيْثُ قَالَ فِي ذَلِكَ: (لِأَنَّ الوَاقِعَ أَنَّ قَدْرَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ مِنْ آيَاتِهِ - حَتَّى مِنَ القُرْآنِ المَتْلُوِّ - بِخِلَافِ القُرْآنِ غَيْرِ المَتْلُوِّ، وَهُوَ المَعْنَى القَائِمِ بِذَاتِهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ مِنْهُ، لِأَنَّ القَدِيْمَ أَفْضَلُ مِنَ الحَادِثِ، وَمَا شَاعَ عَلَى الأَلْسِنَةِ مِنْ أنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنَ القُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ! فَكَلَامٌ بَاطِلٌ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى القُرْآنِ القَدِيْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ؛ خِلَافًا لِمَنْ زعَمَ ذَلِكَ). (شَرْحُ البَاجُوْرِيِّ عَلَى البُرْدَةِ - طَبْعَةُ دَارِ مَكْتَبَةِ الآدَابِ ص51).
قُلْتُ: وَقَصْدُهُ بِـ (القُرْآنِ القَدِيْمِ) أَي كَلَامُ اللهِ النَّفْسِيُّ؛ خِلَافًا لِمَا بَيْنَ أَيْدِيْنَا فِي المُصْحَفِ المَتْلُوِّ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (صَيْدُ الخَاطِرِ) (ص284): (وَكَذَلِكَ عَظَّمَ أَمْرَ القُرْآنِ وَنَهَى المُحْدِثَ أَنْ يَمَسَّ المُصْحَفَ؛ فَآلَ الأَمْرُ لِقَوْمٍ مِنَ المُتَكَلِّمِيْنَ إِلَى أَنْ أَجَازُوا الإِسْتِنْجَاءَ بِهِ).
(2) وَقَدْ أَشَارَتِ السُّنَّةُ إِلَى أَنَّ آيَةَ إِنْزَالِ القُرْآنِ الكَرِيْمِ أَعْظَمُ مِنْ آيَاتِ إِحْيَاءِ المَوْتَى، حَيْثُ أَنَّ الَّذِيْ أُوْتِيَهُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ مِنْ آيَةِ سَيِّدِنَا عِيْسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَمَا فِي حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ المَرْفُوْعِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ (مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلَهُ آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِيْ أُوْتِيْتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ؛ فَأَرْجُو أَنْ أَكُوْنَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ). البُخَارِيُّ (4981)، وَمُسْلِمٌ (152).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 554
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست