responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 473
- المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) إِذَا كَانَتِ الهِدَايَةُ مِنَ اللهِ تَعَالَى؛ فَكَيْفَ يَكُوْنُ لِلعَبْدِ أَصْلًا سَعْيٌ فِيْهَا، وَمَا الَّذِيْ يُمَيِّزُ العَاصِي عَنِ الطَّائِعِ؟
الجَوَابُ:
أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِ كُلِّ عَبْدٍ، فَإِذَا عَلِمَ مِنْهُ صِدْقَ الطَّلَبِ لِلهِدَايَةِ، وَالإِنْصَافَ فِي سَمَاعِ الحَقِّ وَتَمْيِيْزَهُ؛ وَحِرْصَهُ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَهْدِيه كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيْهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُوْنَ} (الأَنْفَال:23)، وَهَذِهِ الهِدَايَةُ هِيَ فَضْلٌ وَرَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ.
وَأَمَّا المُعْرِضُ عَنْ سَمَاعِ وَتَدَبُّرِ الآيَاتِ؛ المُسْتَكْبِرُ عَنِ الحَقِّ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَطْمِسُ عَلَى قَلْبِهِ فَلَا يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلِإسْلَامِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِيْنَ لَا يَعْقِلُوْنَ} (يُوْنُس:100)، فَلَا يَجِدُ المُعْرِضُ مَا يَجِدُ المُؤْمِنُ مِنْ حَلَاوَةِ الطَّاعَاتِ، وَمَحَبَّةِ العِبَادَةِ، وَالتَّعَلُّقِ بِاللهِ تَعَالَى، وَالفَرَحِ بِذِكْرِ اللهِ، وَالاطْمِئْنَانِ إِلَى السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَالانْشِرَاحِ إِلَيهَا. (1)
وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِيْنَ لَا يُؤْمِنُوْنَ} (الأَنْعَام:125).

(1) وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذْ قَالَ مُوْسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُوْنَنِي وَقَدْ تَعْلَمُوْنَ أَنِّي رَسُوْلُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوْبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِيْنَ} (الصَّف:5).
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (109/ 8): (وَقَوْلُهُ {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوْبَهُمْ}: أَيْ: فَلَمَّا عَدَلُوا عَنِ اتِّبَاعِ الحَقِّ مَعَ عِلْمِهِمْ بِهِ؛ أَزَاغَ اللهُ قُلُوْبَهُمْ عَنِ الهُدَى، وَأَسْكَنَهَا الشَّكَّ وَالحَيْرَةَ وَالخُذْلَانَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُوْنَ} (الأَنْعَامِ:110)، وَقَالَ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُوْلَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيْلِ المُؤْمِنِيْنَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيْرًا} (النِّسَاءِ:115) وَلِهَذَا قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِيْنَ}).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 473
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست