responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 418
- الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ) حَدِيْثُ الضَّرِيْرِ:
أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ؛ أَنَّ رَجُلًا ضَرِيْرَ البَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اُدْعُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَني. قَالَ: (إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ لَكَ، وَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ ذَاكَ، فَهوَ خَيْرٌ)، وَفِي رِوَايَةٍ (وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهوَ خَيْرٌ لَكَ)، فَقَالَ: ادْعُهُ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوْءَهُ؛ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْن، وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحمَّدُ [1] إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ فَتُقْضَى لِي، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِيْهِ)، فَفَعَلَ الرَّجُلُ فَبَرِئَ) [2]. فَيَرَى المُخَالِفُوْنَ أَنَّ هَذَا الحَدِيْثَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ فِي الدُّعَاءِ بِالجَاهِ أَوِ الذَّاتِ.
وَالجَوَابُ: أَنَّ هَذَا التَّوَسُّلَ لَيْسَ تَوَسُّلًا بِالذَّاتِ وَالجَاهِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَوَسُّلٌ بِالدُّعَاءِ - وَهُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ المَشْرُوْعُ - وَتَدُلُّ لِذَلِكَ أُمُوْرٌ:
1) أَنَّ الأَعْمَى إِنَّمَا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَدْعُوَ لَهُ، وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ (اُدْعُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَنِي)، وَلَو كَانَ قَصْدُ الأَعْمَى التَّوَسُّلَ بِذَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ جَاهِهِ أَوْ حَقِّهِ لَمَا كَانَ ثَمَّةَ حَاجَةٍ بِهِ إِلَى أَنْ يَأْتيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَطْلُبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ لَهُ، بَلْ كَانَ الأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقْعُدَ فِي بَيتِهِ، وَيَدْعُوَ رَبَّهُ بِهِ. (3)
2) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَهُ بِالدُّعَاءِ؛ وَذَلِكَ فِي مَعْرِضِ إِجَابَةِ طَلَبِهِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ المَقْصُوْدُ مِنْ ذَلِكَ التَّوَسُّلِ. (4)
3) قَوْلُ الضَّرِيْرِ فِي آخِرِ دُعَائِهِ (اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ، وَشَفِّعْنِي فِيْهِ) [5] صَرِيْحٌ فِي أَنَّ التَّوَسُّلَ كَانَ بِدُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ إِنَّ الشَّفَاعَةَ هيَ الدُّعَاءُ [6]، وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الحَدِيْثِ عَلَى التَّوَسُّلِ بِذَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ جَاهِهِ، أَوْ حَقِّهِ.

[1] الخِطَابُ هُنَا - بِالنِّدَاءِ - فِيْهِ تَوْجِيْهَانِ:
أ) أَنَّهُ كَانَ بِحَضْرَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ فَلَا إِشْكَالَ.
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَحْقِيْقِ كِتَابِ (الآيَاتُ البَيِّنَاتُ) (ص91): (هَذَا إِذَا افْتُرِضَ أَنَّ النّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَعِيْدًا أَوْ غَائِبًا عَنْهُ لَا يَسْمَعُهُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي حُضُوْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا إِشْكَالَ).
ب) قَالَ شَيْخُ الإْسَلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ (اقْتِضَاءُ الصِّرَاطِ المُسْتَقِيْمِ) (319/ 2): (هَذَا وَأَمْثَالَهُ نِدَاءٌ يُطْلَبُ مِنْهُ اسْتِحْضَارُ المُنَادَى فِي القَلْبِ، فَيُخَاطَبُ المَشْهُوْدُ بِالقَلْبِ؛ كَمَا يَقُوْلُ المُصَلِّيُ: السَّلَامُ عَلَيكَ أيُّها النَّبِيُّ ورَحْمَةُ اللهُ وبَرَكَاتُهُ. وَالإِنْسَانُ يَقُوْلُ مِثْلَ هَذَا كَثِيْرًا، يُخَاطِبُ مَنْ يَتَصَوَّرُهُ فِي نَفْسِهِ وإنْ لَمْ يكنْ فِي الخَارِجِ مَنْ يَسْمَعُ الخِطَابَ).
[2] صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (3578)، وَأَحْمَدُ (17241) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيفٍ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (1279).
(3) وَلَكِنَّهُ لَم يَفْعَلْ لِأَنَّهُ عَرَبِيٌّ يَفْهَمُ مَعْنَى التَّوَسُّلِ فِي لُغَةِ العَرَبِ حَقَّ الفَهْمِ، وَيَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةً يَقُوْلُهَا صَاحِبُ الحَاجَةِ؛ يَذْكُرُ فيهَا اسْمَ مَنْ يُتَوَسَّلُ بِهِ! بَلْ لَابُدَّ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى المَجِيءِ إِلَى مَنْ يَعْتَقِدُ فِيْهِ الصَّلَاحَ وَالعِلْمَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَيَطْلُبُ مِنْهُ الدُّعَاءَ لَهُ.
(4) وَفِيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى النَّوْعِ الثَّانِي مِنَ التَّوَسُّلِ المَشْرُوْعِ، وَهُوَ التَّوَسُّلُ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ.
وَفِي مُجْمَلِ أَمْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلضَّرِيْرِ جَمْعٌ لَطِيْفٌ بَيْنَ أَنْوَاعِ التَّوَسُّلِ المَشْرُوْعَةِ، حَيْثُ أَمَرَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْن ثُمَّ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ - وَهَذِهِ الأَعْمَالُ طَاعَةٌ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُقَدِّمُهَا بَينَ يَدي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ، وَهيَ تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيْلَةَ} كَمَا سَبَقَ - ثُمَّ أَنْ يَتَوَسَّلَ بِصِفَةِ الأُلُوْهِيَّةِ للهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ (اللَّهُمَّ)، ثُمَّ جَاءَ دُعَاءُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ بَعْدَهُ.
[5] هَذِهِ الجُمْلَةُ هيَ عَنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا (17241)، وَالحَاكِمِ (1180) وَغَيْرِهِمَا. وَفِي لَفْظٍ لِلحَاكِمِ (1929): (اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ، وَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي). صَحِيْحٌ. صَحِيْحُ التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ (681).
[6] قَالَ فِي لِسَانِ العَرَبِ (184/ 8): (وَالشَّفَاعَةُ: كَلَامُ الشَّفِيْعِ لِلْمَلِكِ فِي حَاجَةٍ يَسْأَلُها لِغَيْرِهِ، وَشَفَعَ إِلَيْهِ: فِي مَعْنَى طَلَبَ إِلَيْهِ، وَالشَّافِعُ: الطَّالِبُ لِغَيْرِهِ يَتَشَفَّعُ بِهِ إِلَى المَطْلُوْبِ).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست