responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 391
- الغَضَبُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ صَاحِبُهُ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (لَا طَلَاقَ وَلَا عِتَاقَ فِي غِلَاقٍ) [1]، لَكِنَّ الغَضَبَ الَّذِيْ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ صَاحِبُهُ هُوَ الَّذِيْ يَغِيْبُ فِيْهِ وَعْيُهُ فَلَا يَعْلَمُ مَا يَقُوْلُ، أَمَّا إِنْ كَانَ الغَضَبُ قَلِيْلًا يَعِي مَعَهُ صَاحِبُهُ مَا يَقُوْلُ فَهَذَا يُؤَاخَذُ بِعَوَاقِبِهِ. (2)
- مَنْ سَبَّ اللهَ تَعَالَى فإِنَّهُ تُقْبَلُ تَوبَتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالخَطَإِ، وَوَصَفَ اللهَ تَعَالَى بِمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ صِفَاتِ التَّعْظِيمِ. قَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِيْنَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ} (الزُّمَر:53).
أَمَّا مَنْ سَبَّ الرَّسُوْلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَهُ تَوْبَةٌ أَيْضًا وَلَكِنْ يَجِبُ قَتْلُهُ؛ بِخِلَافِ مَنْ سَبَّ اللهَ تَعَالَى؛ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ تَوبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ؛ لَا لِأَنَّ حَقَّ اللهِ تَعَالَى دُوْنَ حَقِّ الرَّسوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا بِعَفْوِهِ عَنْ حَقِّهِ إِذَا تَابَ العَبْدُ إِلَيهِ؛ بِأَنَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعًا، أَمَّا سَبُّ الرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ رَاجِعٌ لِحَقِّهِ، وَلَكِنْ بَعْدَ وَفَاتِهِ نَحْنُ لَا نَعْلَمُ عَنْهُ أَنَّهُ عَفَا! لِذَلِكَ نُنَفِّذُ مَا نَرَاهُ وَاجِبًا فِي حَقِّهِ، فَيُقْتَلُ السَّابُّ بَعْدَ تَوبَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَإِذَا قُتِلَ؛ غَسَّلْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ وَصَلَّينَا عَلَيْهِ وَدَفَنَّاهُ مَعَ المُسْلِمِيْنَ وَكَذَا لَو قَذَفَهُ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُجْلَدُ. (3)
وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْرُكُ قَتْلَ بَعْضِ المُنَافِقِيْنَ الَّذِيْنَ ظَهَرَ كُفْرُهُم لِئَلَّا يَتَحَدَّثِ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ [4]، وَلَكِنَّ هَذَا فِي حَيَاتِهِ فَقَط. (5)
وَيَشْهَدُ لِوُجُوْبِ قَتْلِ مَنْ سَبَّ الرَّسُوْلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ - بَابُ الحُكْمِ فِيْمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ؛ قَالَ: أَغْلَظَ رَجُلٌ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، فَقُلْتُ: أَقْتُلُهُ؟ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: (لَيْسَ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). (6)

[1] حَسَنٌ. أَبُو دَاوُدَ (2193) عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (7525).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الغِلَاقُ أَظُنُّهُ فِي الغَضَبِ.
(2) وَفِي فَتَاوَى (نُوْرٌ عَلَى الدَّرْبِ)، شَرِيْطُ رَقَم (374) للشَّيْخِ ابن عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ: (تَقُوْلُ السَّائِلَةُ مِنَ الجَزَائِرِ: يَا شَيْخُ، هَلْ سَبُّ الدِّيْنِ فِي حَالَةِ الغَضَبِ مِنَ الكُفْرِ؟ فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: أَمَّا إِذَا كَانَ الغَضَبُ شَدِيْدًا بِحَيثُ لَا يَمْلِكُ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنَ الدِّينِ - لِأَنَّهُ لَا يَعِي مَا يَقُوْلُ - وَأَمَّا إِذَا كَانَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَسَبُّ الدِّيْنِ كُفْرٌ وَرِدَّةٌ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوْبَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ يُجَدِّدَ إِسْلَامَهُ).
(3) وَفِي الحَدِيْثِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوْعًا (مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ؟ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللهَ وَرَسُوْلَهُ)، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3031)، وَمُسْلِمٌ (1801).
[4] وَمِنْ نَفْسِ البَابِ تَرْكُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَتْلَ ذَلِكَ المُنَافِقِ الَّذِيْ قَالَ مَا قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوْكٍ كَمَا فِي حَدِيْثِ البَابِ.
(5) قَالَ الإِمَامُ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (زَادُ المَعَادِ) (56/ 5): (وَأَمَّا تَرْكُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ مَنْ قَدَحَ فِي عَدْلِهِ بِقَوْلِهِ (اعْدِلْ فَإِنَّكَ لَمْ تَعْدِلْ) وَفِي حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ (أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟) وَفِي قَصْدِهِ بِقَوْلِهِ (إنَّ هَذِهِ قِسْمَةٌ؛ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ) أَوْ فِي خَلْوَتِهِ بِقَوْلِهِ (يَقُوْلُوْنَ: إِنَّكَ تَنْهَى عَنِ الغَيِّ وَتَسْتَخْلِي بِه) وَغَيْرُ ذَلِكَ، فَذَلِكَ أَنَّ الحَقَّ لَهُ؛ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ؛ وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ، وَلَيْسَ لِأُمَّتِهِ تَرْكُ اسْتِيْفَاءِ حَقَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الأَمْرِ حَيْثُ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْمُوْرًا بِالعَفْوِ وَالصَّفْحِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ كَانَ يَعْفُو عَنْ حَقَّهِ لِمَصْلَحَةِ التّأْلِيْفِ وَجَمْعِ الكَلِمَةِ، وَلِئَلَّا يُنَفِّرَ النَّاسَ عَنْهُ، وَلِئَلَّا يَتَحَدَّثُوا أَنَّهُ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ، وَكُلُّ هَذَا يَخْتَصُّ بِحَيَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
(6) صَحِيْحٌ. النَّسَائِيُّ (4071). صَحِيْحُ النَّسَائِيِّ (4071).
وَفِيْهِ أَيْضًا عِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ أَعْمَى كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ - وَكَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَكَانَ لَهُ مِنْهَا ابْنَانِ - وَكَانَتْ تُكْثِرُ الوَقِيْعَةَ بِرَسُوْلِ اللهِ وَتَسُبُّهُ؛ فَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، وَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي؛ فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَذَكَرَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَوَقَعَتْ فِيهِ، قَالَ: فَلَمْ أَصْبِرْ أَنْ قُمْتُ إِلَى المِغْوَلِ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا فَاتَّكَأْتُ عَلَيْهِ فَقَتَلْتُهَا؛ فَأَصْبَحَتْ قَتِيْلًا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ فَجَمَعَ النَّاسَ وَقَالَ: (أَنْشُدُ اللهَ رَجُلًا لِي عَلَيْهِ حَقٌّ فَعَلَ مَا فَعَلَ؛ إِلَّا قَامَ)، فَأَقْبَلَ الأَعْمَى يَتَدَلْدَلُ فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَنَا صَاحِبُهَا! كَانَتْ أُمَّ وَلَدِي وَكَانَتْ بِي لَطِيْفَةً رَفِيْقَةً، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ تُكْثِرُ الوَقِيْعَةَ فِيْكَ، وَتَشْتُمُكَ، فَأَنْهَاهَا؛ فَلَا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، فَلَمَّا كَانَتِ البَارِحَةَ ذَكَرْتُكَ؛ فَوَقَعَتْ فِيْكَ، فَقُمْتُ إِلَى المِغْوَلِ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا؛ فَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدْرٌ). صَحِيْحٌ. النَّسَائِيُّ (4070). صَحِيْحُ النَّسَائِيِّ (4070).
وَ (المِغْوَلُ): بِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ: سَيْفٌ قَصِيْرٌ يَشْتَمِلُ بِهِ الرَّجُلُ تَحتَ ثِيَابِهِ فَيُغَطِّيْهِ، وَقِيْلَ: حَدِيْدَةٌ لَهَا حَدٌّ مَاضٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: (مِعْوَلٌ) وَهِيَ آلَةٌ حَدِيْدِيَّةٌ تُسْتَعْمَلُ للحَفْرِ فِي الأَرْضِ أَوِ الجَبَلِ.
وَ (دَمَهَا هَدْرٌ): الهَدْرُ: الَّذِيْ لَا يُضْمَنُ بِقِصَاصٍ وِلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ.
وَ (يَتَدَلْدَلُ): أَيْ: يَضْطَرِبُ فِي مَشْيِهِ.
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 391
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست