responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 364
الشَّرْحُ
- هَذَا البَابُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ بَعْدَ بَابِ (مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ) لِأَنَّه مِنْ جِنْسِهِ، فَفِيْهِ تَنَقُّصٌ لِلرُّبُوْبِيَّةِ، فَالَّذِيْ يَجْحَدُ الأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ قَدْ تَنَقَّصَ الرُّبُوْبِيَّةَ، وَكَذَلِكَ الَّذِيْ يُضُيْفُ النِّعَمَ إِلَى غَيْرِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَقَدْ تَنَقَّصَ الرُّبُوْبِيَّةَ.
- هَذِهِ الآيَةُ هِيَ مِنْ سُوْرَةِ النَّحْلِ الَّتِيْ تُسَمَّى سُوْرَةَ النِّعَمِ، لِأَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَدَّدَ فِيْهَا كَثِيْرًا مِنْ نِعَمِهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَقَالَ فِيْهَا: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوْهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُوْرٌ رَحِيْمٌ} (النَّحْل:18).
- قَوْلُهُ تَعَالَى {يَعْرِفُوْنَ}: أَيْ: يُدْرِكُوْنَ بِحَوَاسِّهِم أَنَّ النِّعْمَةَ مِنْ عِنْدِ اللهِ.
- قَوْلُهُ {نِعْمَتَ اللهِ}: مُفْرَدَةٌ مُضَافَة؛ وَالمُرَادُ بِهَا الجَمْعُ، وَالقَاعِدَةُ اللُّغَوِيَّةُ: أَنَّ المُفْرَدَ المُضَافَ يَعُمُّ.
- قَوْلُهُ {ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}: أَيْ: يُنْكِروْنَ إِضَافَتَهَا إِلَى اللهِ لِكَوْنِهِم يُضِيْفُوْنَهَا إِلَى السَّبَبِ غَافِلِيْنَ عَنِ المُسَبِّبِ الَّذِيْ هُوَ اللهُ سُبْحَانَهُ، وَلَيْسَ المَعْنَى أنَّهُم يُنْكِرُوْنَ هَذِهِ النِّعْمَةَ؛ مِثَلَ أَنْ يَقُوْلُوا: مَا جَاءَنَا مَطَرٌ أَوْ وَلَدٌ أَوْ صِحَّةٌ، وَلَكِنْ يُنْكِرُوْنَهَا بِإضَافَتِهَا إِلَى غَيْرِ اللهِ تَعَالَى، غَافِلِيْنَ عَنِ الَّذِيْ خَلَقَ السَّبَبَ فَوُجِدَتْ بِهِ النِّعْمَةُ. (1)
- فِي هَذِهِ الآيَةِ بَيَانُ أَنَّ إِضَافَةَ النِّعَمِ إِلَى غَيْرِ اللهِ نَقْصٌ فِي كَمَالِ التَّوْحِيْدِ وَنَوْعُ شِرْكٍ بِاللهِ جَلَّ وَعَلَا.
وَالآيَةُ الكَرِيْمَةُ - وَإِنْ كَانَ الرَّاجِحُ أَنَّ المَقْصُوْدَ بِالنِّعْمَةِ فِيْهَا هُوَ بَعْثَةُ الرَّسُوْلِ الكَرِيْمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] - فَعُمُوْمُهَا صَحِيْحٌ، وَيَصِحُّ القَوْلُ بِأَنَّ إِنْكَارَ النِّعَمِ هُوَ مِنْ أَفْعَالِ المُشْرِكِيْنَ، وَقَدْ سُمِّيَ كُفْرًا كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ (مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بالأَنْوَاءِ)، والقَاعِدَةُ المَشْهُوْرَةُ فِي التَّفْسِيْرِ تَقُوْلُ: (العِبْرَةُ بِعُمُوْمِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوْصِ السَّبَبِ).
- مَنْ أَضَافَ نِعْمَةَ الخَالِقِ إِلَى غَيْرِهِ، فَقَدْ جَعَلَ مَعَهُ شَرِيْكًا فِي الرُّبُوْبِيَّةِ وَالأُلُوْهِيَّةِ:
1) فَإِضَافَتُهَا إِلَى السَّبَبِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ؛ هَذَا إِخْلَالٌ بِتَوْحِيْدِ الرُّبُوْبِيَّةِ.
2) تَرْكُ القِيَامِ بِالشُّكْرِ - الَّذِيْ هُوَ العِبَادَةُ - هُوَ إِخْلَالٌ بِتَوْحِيْدِ الأُلُوْهِيَّةِ.

(1) وَهِيَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَجْعَلُوْنَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُوْنَ} فِي نِسْبَةِ المَطَرِ إِلَى الأَنْوَاءِ.
[2] قَالَ الطَبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (273/ 17): (وَأَوْلَى الأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ وَأَشْبَهُهَا بِتَأْوِيْلِ الآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بالنِّعْمَةِ الَّتِيْ ذَكَرَهَا اللهُ فِي قَوْلِهِ {يَعْرِفُوْنَ نِعْمَةَ اللهِ} النِّعْمَةَ عَلَيْهِم بِإِرْسَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ إِلَيْهِم دَاعِيًا إِلَى مَا بَعَثَهُ بِدُعَائِهِم إِلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ بَينَ آيَتَيْنِ كِلْتَاهُمَا خَبَرٌ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمَّا بُعِثَ بِهِ).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست