responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 349
6) يَلْزَمُ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ التَّخَلِّي عَنْ مَحْذُوْرَيْنِ عَظِيْمَيْنِ هُمَا: التَّمْثِيْلُ، وَالتَّكْيِيْفُ.
فَالتَّمْثِيْلُ: هُوَ اعْتِقَادُ المُثْبِتِ أَنَّ مَا أَثْبَتَهُ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى مُمَاثِلٌ لِصِفَاتِ المَخْلُوْقِيْنَ! وَهَذَا اعْتِقَادٌ بَاطِلٌ بِدَلِيْلِ السَّمْعِ وَالعَقْلِ.
أَمَّا السَّمْعُ: فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشُّوْرَى:11)، وَقَوْلُهُ {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (مَرْيَم:56)، وَقَوْلُهُ {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (الإِخْلَاص:4).
وَأَمَّا العَقْلُ فَمِنْ وُجُوْهٍ؛ مِنْهَا: أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالضَّرُوْرَةِ أَنَّ بَيْنَ الخَالِقِ وَالمَخْلُوْقِ تَبَايُنًا فِي الذّاتِ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ فِي الصِّفَاتِ، وَأَيْضًا أَنَّنَا نُشَاهِدُ فِي المَخْلُوْقَاتِ مَا يَتَّفِقُ فِي الأَسْمَاءِ وَيَخْتَلِفُ فِي الحَقِيْقَةِ وَالكَيْفِيَّةِ، فَنُشَاهِدُ أَنَّ لِلإِنْسَانِ يَدًا لَيْسَتْ كَيَدِ الفِيْلِ، وَلَهُ قُوَّةً لَيْسَتْ كَقُوَّةِ الجَمَلِ، مَعَ الاتِّفَاقِ فِي الاسْمِ، فَهَذِهِ يَدٌ وَهَذِهِ يَدٌ، وَهَذِهِ قُوَّةٌ وَهَذِهِ قُوَّةٌ، وَبَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ فِي الكَيْفِيَّةِ وَالوَصْفِ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الاتّفاقَ فِي الاسْمِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الاتِّفَاقُ فِي الحَقِيْقَةِ.
وَالتَّشْبِيْهُ هُوَ كَالتَّمْثِيْلِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّمْثِيْلَ هُوَ التَّسْوِيَةُ فِي كُلِّ الصِّفَاتِ، وَالتَّشْبِيْهَ التَّسْوِيَةُ فِي أَكْثَرِ الصِّفَاتِ، لَكِنَّ التَّعْبِيْرَ بِنَفْي التَّمْثِيْلِ أَوْلَى لِمُوَافَقَةِ القُرْآنِ، قَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشُّوْرَى:11) [1].
وَأَمَّا التَّكْيِيْفُ: وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ المُثْبِتُ أَنَّ كَيْفِيَّةَ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى كَذَا وَكَذَا! وَهَذَا اعْتِقَادٌ بَاطِلٌ بِدَلِيْلِ السَّمْعِ وَالعَقْلِ.
أَمَّا السَّمْعُ: فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَلا يُحِيطُوْنَ بِهِ عِلْمًا} (طَه:110)، وَقَوْلُهُ {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُوْلًا} (الإِسْرَاء:36)، وَمِنَ المَعْلُوْمِ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَنَا بِكَيْفِيَّةِ صِفَاتِ رَبِّنَا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَنَا عَنْهَا وَلَمْ يُخْبِرْنَا عَنْ كَيْفِيَّتِهَا، فَيَكُوْنُ تَكْيِيْفُنَا لَهَا قَفْوًا لِمَا لَيْسَ لَنَا بِهِ عِلْمٌ، وَقوْلًا بِمَا لَا يُمْكِنُنَا الإِحَاطةُ بِهِ.
وَأَمَّا العَقْلُ: فَلِأَنَّ الشَّيْءَ لَا تُعْرَفُ كَيْفِيَّةُ صِفَاتِهِ إِلَّا بَعْدَ العِلْمِ بِأَحَدِ ثَلَاثٍ: كَيْفِيَّةُ ذَاتِهِ، أَوْ بِنَظِيْرِهِ المُسَاوِي لَهُ، أَوْ بِالخَبَرِ الصَّادِقِ عَنْهُ، وَكُلُّ هَذِهِ الطُّرُقِ مُنْتَفِيَةٌ فِي حَقِّ صِفَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَوَجَبَ بُطْلَانُ تَكْيِيْفِهَا.
7) صِفَاتُ اللهِ تَعَالَى تَوْقِيْفِيَّةٌ لَا مَجَالَ لِلعَقْلِ فِيْهَا: فَلَا نُثْبِتُ للهِ تَعَالَى مِنَ الصِّفَاتِ إِلَّا مَا دَلَّ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى ثُبُوْتِهِ، قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (لَا يُوْصَفُ اللهُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُوْلُهُ، لَا يُتَجَاوَزُ القُرْآنُ وَالحَدِيْثُ). (2)

[1] وَلِأَنَّ نَفْيَ التَّشْبِيْهِ مُطْلَقًا بَيْنَ الخَالِقِ وَالمَخْلُوْقِ غَيْرُ صَحِيْحٌ، وَذَلِكَ لِوُجُوْدِ الاشْتِرَاكِ فِي أَصْلِ الصِّفَةِ فِي كَثِيْرٍ مِنَ الصِّفَاتِ، كَصِفَةِ السَّمْعِ وَالبَصَرِ وَالعِلْمِ وَالحَيَاةِ وَالقُدْرَةِ، وَلَكِنَّ الكَمَالَ فِيْهَا هُوَ للهِ تَعَالَى، كَمَا فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوْهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِيْنَ يُلْحِدُوْنَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُوْنَ} (الأَعْرَاف:180)، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَيْضًا {لِلَّذِيْنَ لَا يُؤْمِنُوْنَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ المَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ العَزِيْزُ الحَكِيْمُ} (النَّحْل:60).
(2) ذَكَرَهُ أَبُو عُثْمَان الصَّابُوْنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ (ت 449هـ) فِي كِتَابِهِ (عَقِيْدَةُ السَّلَفِ وَأَصْحَابِ الحَدِيْثِ) (ص63).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست