responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 295
الشَّرْحُ
- التَّوكُّلُ عَلَى اللهِ: هُوَ الاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي جَلْبِ المَنَافِعِ وَدَفْعِ المَضَارِّ مَعَ الثِّقَةِ بِهِ وَفِعْلُ الأَسْبَابِ النَّافِعَةِ. وَيُقَالُ وَكَلْتُ أَمْرِي إِلَى فُلَانٍ: إِذَا اعْتَمَدتُ عَلَيْهِ.
وَحَقِيْقَةُ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ: أَنْ يَعْلَمَ العَبْدُ أَنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ بِيَدِ اللهِ تَعَالى؛ وَأنَّهُ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وأَنَّهُ هُوَ النَّافعُ الضَّارُّ المُعْطِي المَانِعُ، وَأَنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، فَبَعْدَ هَذَا العِلْمِ يَعْتَمِدُ بقلبِهِ عَلَى رَبِّهِ فِي جَلْبِ مَصَالِحِ دِيْنِهِ وَدُنْيَاه، وَفِي دَفْعِ المَضَارِّ، وَيَثِقُ غَايَةَ الوُثُوْقِ بِرَبِّهِ فِي حُصُوْلِ مَطْلُوبِهِ، وَهُوَ مَعَ هَذَا بَاذِلٌ جُهْدَهُ فِي فِعْلِ الأَسْبَابِ النَّافِعَةِ. (1)
- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ} بَيَانُ أُمُوْرٍ - وَبِهِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ البَابِ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ -:
1) فَرَضِيَّةُ التَّوَكُّلِ، وَالأَمْرُ بِهَا، وَأَنَّهَا عِبَادَةٌ مِنَ العِبَادَاتِ العَظِيْمَةِ.
2) وُجُوْبُ إِخْلَاصِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَدَلَّ لِذَلِكَ أُسْلُوْبُ الحَصْرِ فِي تَقْدِيْمِ الجَارِّ وَالمَجْرُوْرِ.
3) أَنَّ التَّوَكُّلَ مِنَ الإِيْمَانِ. (2)
4) أَنَّ إِخْلَاصَهُ شَرْطٌ فِي الإِيْمَانِ، كَمَا فِي آيَةِ سُوْرَةِ يُوْنُس {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُم مُّسْلِمِيْنَ} (يُوْنُس:84).
- التَّوَكُّلُ عَلَى غَيْرِ اللهِ تَعَالَى يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
1) التَّوَكُّلُ فِي الأُمُوْرِ الَّتِيْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا اللهُ - كَالَّذِيْنَ يَتَوَكَّلُوْنَ عَلَى الأَمْوَاتِ وَالطَّوَاغِيْتِ فِي تَحْصِيْلِ مَطَالِبِهِم مِنْ نَصْرٍ أَوْ حِفْظٍ أَوْ رِزْقٍ أَوْ شَفَاعَةٍ - فَهَذَا شِرْكٌ أَكْبَرٌ.
2) التَّوَكُّلُ فِي الأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ، كَمَنْ يَتَوَكَّلُ عَلَى أَمِيْرٍ أَوْ سُلْطَانٍ فِيْمَا أَقْدَرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ رِزْقٍ أَوْ دَفْعِ أَذَىً وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَهُوَ نَوْعُ شِرْكٍ أَصْغَرٍ؛ مِثْلُ اعْتِمَادِ كَثِيْرٍ مِنَ النَّاسِ عَلَى وَظِيفَتِهِم فِي حُصُوْلِ رِزْقِهِم، ولِهَذَا تَجِدُ الإِنْسَانَ مِنْهُم يَشْعُرُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مُعْتَمِدٌ عَلَى هَذَا اعْتِمَادَ افْتِقَارٍ.
- الفَرْقُ بَيْنَ التَّوَكُّلِ وَالوَكَالَةِ: التَّوَكُّلُ هُوَ عَمَلٌ قَلْبِيٌّ، بَيْنَمَا الوَكَالَةُ - وَهِيَ جَائِزَةٌ - فَهِيَ إِقَامَةُ الشَّخْصِ غَيرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا [3]، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيْهِ فِي حُصُوْلِ مَا وَكَلَهُ بِهِ اعْتِمَادًا قَلبِيًّا، بَلْ يَتَوَكَّلُ عَلَى اللهِ فِي تَيْسِيْرِ أَمْرِهِ الَّذِيْ يَطْلُبُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ - وَيَعُدُّ ذَلِكَ الشَّخْصَ مِنْ جُمْلَةِ الأَسْبَابِ الَّتِيْ يَجُوْزُ فِعْلُهَا - فَيَكُوْنُ رَجَاؤُهُ وَدُعَاؤُهُ وَتَعَلُّقُهُ مَحْصُوْرًا فِي اللهِ تَعَالَى؛ بِخِلَافِ النَّوْعَيْنِ السَّابِقَيْنِ.
- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {إنَّمَا المُؤْمِنُوْنَ الَّذِيْنَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوْبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيْمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُوْنَ، الَّذِيْنَ يُقِيْمُوْنَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُوْنَ} فِيْهَا وَصْفُ المُؤْمِنِيْنَ حقًّا بِخَمْسَةِ مَقَامَاتٍ مِنْ مَقَامَاتِ الإِيْمَانِ، وَهِيَ الوَجَلُ عِنْدَ الذِّكْرِ، وَزِيَادَةُ الإِيْمَانِ عِنْدَ سَمَاعِ القُرْآنِ، وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ وَحْدَهَ، وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ، وَالإِنْفَاقُ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى.
- المُرَادُ بِالإِيْمَانِ هُنَا - فِي الآيَةِ السَّابِقَةِ - الإِيْمَانُ الكَامِلُ؛ وَإِلَّا فَإِنَّ المَرْءَ يَكُوْنُ مُؤْمِنًا وَإِنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، فَهُوَ مَعَهُ مُطْلَقُ الإِيْمَانِ؛ وَلَيْسَ كَمَالُهُ.

(1) فَالتَّوَكُّلُ يَتَضَمَّنُ إِذًا: عِلْمٌ ثُمَّ عَمَلٌ قَلْبِيٌّ ثُمَّ عَمَلٌ بَدَنِيٌّ.
(2) وَزِيَادَتُهُ دَلِيْلُ زِيَادَةِ الإِيْمَانِ؛ وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ.
[3] قَالَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (479/ 4) فِي شَرْحِ كِتَابِ الوَكَالَةِ مِنْ صَحِيْحِ البُخَارِيِّ.
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست