responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 287
الشَّرْحُ
- الخَوْفُ عِبَادَةٌ لِلقَلْبِ لَا تَصْلُحُ إِلَّا للهِ تَعَالَى، فَهِيَ كَالذُّلِّ وَالمَحَبَّةِ وَالإِنَابَةِ وَالتَّوَكُّلِ وَالرَّجَاءِ وَغَيْرِهَا مِنْ عِبَادَةِ القَلْبِ للهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (الرَّحْمَن:46)، وَقَدْ جَاءَ بَيَانُ عَظَمَةِ هَذِهِ العِبَادَةِ فِي الحَدِيْثِ الَّذِيْ فِي الصَّحِيْحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوْعًا (كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ قَالَ لِبَنِيْهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُوْنِي ثُمَّ اطْحَنُوْنِي ثُمَّ ذَرُّوْنِي فِي الرِّيْحِ؛ فَوَ اللهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي [1] لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللهُ الأَرْضَ فَقَالَ: اجْمَعِيْ مَا فِيْكِ مِنْهُ؛ فَفَعَلَتْ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ. فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ). [2] (3)
- مُنَاسَبَةُ البَابِ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ المُؤَلِّفَ رَحِمَهُ اللهُ أَعْقَبَ بَابَ المَحَبَّةِ بِبَابِ الخَوْفِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَرْكَانِ العِبَادَةِ، فَبِالمَحَبَّةِ يَكُوْنُ امْتِثَالُ الأَمْرِ، وَبِالخَوْفِ يَكُوْنُ اجْتِنَابُ النَّهْي.
- إِنَّ عِبَادَةَ الخَوْفِ نَاشِئَةٌ فِي قَلْبِ المُسْلِمِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِرُبُوْبِيَّةِ اللهِ تَعَالَى وَتَصَرُّفِهِ وَمُلْكِهِ لِكُلِّ شَيْءٍ سُبْحَانَه. (4)

[1] لِلعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيْلِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَقْوَالٌ:
أ- أَنَّهَا مِنَ القُدْرَةِ وَالاسْتِطَاعَةِ، وَهُوَ كَانَ جَاهِلًا بِقُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَى إِعَادَتِهِ.
ب- أَنَّهَا مِنَ التَّقْدِيْرِ وَالقَضَاءِ، كَأَنَّ الرَّجُلَ قَالَ: لَئِنْ كَانَ سَبَقَ فِي قَدَرِ اللهِ وَقَضَائِهِ أَنْ يُعَذِّبَ كُلَّ ذِيْ جُرْمٍ عَلَى جُرْمِهِ؛ لَيُعَذِبنِّيَ اللهُ عَلَى إِجْرَامِي وَذُنُوْبِي عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ العَالَمِيْنَ غَيْرِي.
جـ- أَنَّهَا مِنَ التَّقْتِيْرِ وَالتَّضْيِيْقِ: كَأَنَّ الرَّجُلَ قَالَ: لَئِنْ ضَيَّقَ اللهُ عَلَيَّ وَبَالَغَ فِي مُحَاسَبَتِي وَجَزَائِي عَلَى ذُنُوْبِي.
اُنْظُرِ الصَّحِيْحَةَ (3048).
قُلْتُ: وَطَلَبُ الرَّجُلِ لِحَرْقِهِ وَذَرِّهِ فِي الرِّيْحِ يُوْمِأُ إِلَى أَنَّ القَوْلَ الأَوَّلَ هُوَ المَقْصُوْدُ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[2] البُخَارِيُّ (3481)، وَمُسْلِمٌ (2756). وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ (3785) بِلَفْظِ) إِنَّ رَجُلًا لَمْ يَعْمَلْ مِنَ الخَيْرِ شَيْئًا قَطُّ - إِلَّا التَّوْحِيْدَ - فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ قَالَ لِأَهْلِهِ: إِذَا أَنَا مِتُّ فَخُذُوْنِي ...). صَحِيْحٌ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مَوْقُوْفًا. تَحْقِيْقُ الشَّيْخِ شُعَيْبٍ الأَرْنَؤُوْط.
(3) قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى (500/ 12): (وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَتَكْفِيْرُ المُعَيَّنِ مِنْ هَؤُلَاءِ الجُهَّالِ وَأَمْثَالِهِمْ - بِحَيْثُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنَ الكُفَّارِ - لَا يَجُوْزُ الإِقْدَامُ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَقُوْمَ عَلَى أَحَدِهِمُ الحُجَّةُ الرِّسَالِيَّةُ الَّتِيْ يَتَبَيَّنُ بِهَا أَنَّهُمْ مُخَالِفُوْنَ لِلرُّسُلِ - وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ المَقَالَةُ لَا رَيْبَ أَنَّهَا كُفْرٌ -، وَهَكَذَا الكَلَامُ فِي تَكْفِيْرِ جَمِيْعِ المُعَيَّنِيْنَ، مَعَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ البِدْعَةِ أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ، وَبَعْضُ المُبْتَدِعَةِ يَكُوْنُ فِيْهِ مِنَ الإِيْمَانِ مَا لَيْسَ فِي بَعْضٍ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُكَفِّرَ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِيْنَ - وَإِنْ أَخْطَأَ وَغَلِطَ - حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِ الحُجَّةُ وَتُبَيَّنَ لَهُ المَحَجَّةُ، وَمَنْ ثَبَتَ إيمَانُهُ بِيَقِيْنِ لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ بِالشَّكِّ؛ بَلْ لَا يَزُوْلُ إِلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الحُجَّةِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ).
(4) كَمَا فِي الحَدِيْثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعًا (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدُهُ تُجَاهَكَ، إِذَاَ سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَاَ اسْتَعَنتَ فَاسْتَعِن بِاللهِ، وَاعْلَم أَنَّ الأُمّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنفَعُوْكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوْكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوْكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضَرُّوْكَ إِلَّا بشَيْءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفعَتِ الأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ). صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (2803)، وَالتِّرْمِذِيُّ (2516). صَحِيْحُ التِّرْمِذِيِّ (2516).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست