responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 238
- المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ) مَا الجَوَابُ عَنْ شُبْهِةِ كَوْنِ عُمَرَ مُحَدَّثًا؛ فَهُوَ إِذًا يَعْلَمُ الغَيْبَ، بَلْ فِي قِصَّةِ (سَارِيَةَ) مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى القَوْمِ وَأَنَّ عَدُوَّهُم يُبَاغِتُهُم وَيَهْزِمُهُم، ثُمَّ أَمَرَ سَارِيَةَ بِأَخْذِ نَاحِيَةِ الجَبَلِ كَيْ يَسْلَمَ مِنْهُم! (1)
وَأَيْضًا قَدْ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِقِرَاءَةٍ فِيْهَا {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُوْلٍ وَلَا نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ} بِزِيَادَةِ - وَلَا مُحَدَّثٍ - مِنْ سُوْرَةِ الحَجِّ، فَهِيَ تَدُلُّ عَلَى عِلْمِ المُحَدَّثِ بِالغَيْبِ أَيْضًا!
وَالجَوَابُ هُوَ مِنْ أَوْجُهٍ:
1) أَنَّ الحَدِيْثَ لَمْ يَجْزِمُ بِذَلِكَ، بَلْ جَاءَ عَلَى جِهَةِ الفَرْضِ لَا الجَزْمِ، وَلَفْظُ الحَدِيْثِ هُوَ (لَقَدْ كَانَ فِيْمَنْ كَانَ قَبْلَكُم مِنَ الأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثُوْنَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُوْنُوا أَنْبِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ). (2)
2) أَنَّ الحَدِيْثَ نَفْسَهُ يُبيِّنُ أَنَّ الإِطِّلَاعَ عَلَى الغَيْبِ لَا يَكُوْنُ إِلَّا لِلأَنْبِيَاءِ، وَأَمَّا التَّحَدِيْثُ فَهُوَ مُشَابِهٌ لَهُ وَلَكِنَّه لَيْسَ مِنْهُ، فَصَاحِبُهُ يُحَدَّثُ إِمَّا صَرَاحَةً أَوْ فِي نَفْسِهِ بِأَشْيَاءَ؛ لَكِنَّه لَا يَسْتَطِيْعُ الجَزْمَ بَصَحَّتِهَا.
وَبُرْهَانُ ذَلِكَ هُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أ) أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نَفْسَهُ قَدْ جَاءَ عَنْهُ قَوْلُهُ (وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، لَوْ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيْمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيْمَ مُصَلًّى}.
وَآيَةُ الحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ؛ فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ.
وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ) فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (3)
فَظَهَرَ صَرَاحَةً أَنَّهُ وَافَقَ الحَقَّ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ دُوْنَ جَزْمٍ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الحَقِّ، بَلْ لَوْ كَانَ وَاثِقًا مِنْ ذَلِكَ لَمَا قَالَ: (وَافَقْتُ)، بَلْ قَالَ: (أَطَعْتُ رَبِّي فِي قَوْلِ ثَلَاثٍ)، بَلْ وَلَمَا كَانَ بِحَاجَةٍ إِلَى أَنْ يَنْتَظِرَ إِقْرَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ. وَالحَمْدُ للهِ عَلَى تَوْفِيْقِهِ.
ب) أَنَّ عُمَرَ نَفْسَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ نُقِلَ عَنْهُ مَا كَانَ خِلَافَ الحَقِّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ، كَمَا فِي رَأْيهِ فِي صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ [4]، وَأَيْضًا فِي حِوَارِهِ معَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي حَرْبِ الرِّدَّةِ [5]، فَلَو كَانَ يَعْلَمُ الغَيْبَ أَوْ يَجْزِمُ بِأَنَّهُ عَلَى الحَقِّ لَمَا صَدَرَ عَنْهُ كُلُّ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ مُوَفَّقًا لِقَوْلِ الصَّوَابِ كَمَا فِي الحَدِيْثِ (إنَّ اللهَ جَعَلَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ يَقُوْلُ بِهِ). (6)

(1) وَسَيَأْتِي فِي الجَوَابِ ذِكْرُ تَفَاصِيْلِ القِصَّةِ.
(2) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3689) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا، وَمُسْلِمٌ (2398) عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعًا.
(3) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (402)، وَمُسْلِمٌ (2399) عَنْ عُمَرَ مَرْفُوْعًا.
[4] وَالحَدِيْثُ بِتَمَامِهِ: (قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ؛ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ؛ فَإِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ؛ وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا - وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِيْ كَانَ بَيْنَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبَيْنَ المُشْرِكِيْنَ - فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ؛ فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ؛ أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ عَلَى البَاطِلِ؟! فَقَالَ: (بَلَى)، فَقَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟! قَالَ: (بَلَى)، قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِيْنِنَا؟ أَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟! فَقَالَ: (يَا ابْنَ الخَطَّابِ! إِنِّي رَسُوْلُ اللهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللهُ أَبَدًا)، فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّهُ رَسُوْلُ اللهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللهُ أَبَدًا؛ فَنَزَلَتْ سُوْرَةُ الفَتْحِ، فَقَرَأَهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَوَ فَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: (نَعَمْ)). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3182)، وَمُسْلِمٌ (1785).
[5] وَالحَدِيْثُ بِتَمَامِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ -، قَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُوْلُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ)؟! قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُوْنِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّوْنَهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ؛ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (6925)، وَمُسْلِمٌ (20).
(6) صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (5145) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (1736).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست