responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 192
مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- المَسْأَلَةُ الأُوْلَى) احْتَجَّ الزَّاهِدُوْنَ فِي تَعَلُّمِ التَّوْحِيْدِ اليَوْمَ بِالحَدِيْثِ الَّذِيْ فِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوْعًا (إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبدَهُ المُصَلُّوْنَ؛ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيْشِ بَيْنَهُمْ)! [1] رَوَاهُ مُسْلِمٌ [2]. فَمَا الجَوَابُ عَنْهُ؟
الجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ:
1) أَنَّ هَذَا اليَأْسَ هُوَ بِحَسْبِ ظَنِّ الشَّيْطَانِ نَفْسِهِ، فَهُوَ لَا يَعْلمُ الغَيْبَ، وَلَيْسَ فِي الحَدِيْثِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَيَّسَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ لِكَثْرَةِ مَا رَأَى مِنِ انْتِشَارِ الإِسْلَامِ. (3)
2) أَنَّ الحَدِيْثَ ذَكَرَ وَصْفَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهُم - المُصَلُّوْنَ - وَهُوَ وَصْفٌ أَخَصُّ مِنْ عُمُوْمِ المُسْلِمِيْنَ، فَتَكُوْنُ لِلعَهْدِ. وَالعَهْدُ هُنَا هُوَ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ:
أ) أَنَّهُم الصَّحَابَةُ الَّذِيْنَ هُمْ أَوَّلُ مَقْصُوْدٍ عِنْدَ ذِكْرِ الحَدِيْثِ، وَعَلَيْهِ فَمَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِم مِنَ الفِتْنَةِ لَا يُؤْمَنُ عَلَى غَيْرِهِم مِمَّنْ بَعُدَ عَهْدُهُ عَنِ الوَحْي وَالرِّسَالَةِ وَأُصُوْلِ الإِسْلَامِ.
ب) المُصَلُّوْنَ الصَّلَاةَ التَّامَّةَ العَالِمُوْنَ بِحَقِيْقَتِهَا وَمَعَانِيْهَا، فَهُمُ المُوَحِّدُوْنَ حَقِيْقَةً، وَانْظُرِ اسْتِثْنَاءَ اللهِ تَعَالَى لَهُم بِقَوْلِهِ {إِلَّا المُصَلِّيْنَ} (المَعَارِج:22). (4)
3) أَنَّهُ يَئِسَ مِنْ جِهَةِ إِطْبَاقِ أَهْلِ الأَرْضِ عَلَى الشِّرْكِ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى امْتَنَّ عَلَى المُسْلِمِيْنَ بِوُجُوْدِ الطَّائِفَةِ المَنْصُوْرَةِ البَاقِيَةِ عَلَى الحَقِّ. (5)
4) بَقِيَ أَنْ يُقَالَ - وَهِيَ قَاصِمَةُ ظَهْرِ الزَّاهِدِيْنَ فِي تَعَلُّمِ التَّوْحِيْدِ - بِأَنَّ الحَدِيْثَ إِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ مُطْلَقًا! فَنَقُوْلُ إِنَّهُ يَئِسَ مِنْ وُقُوْعِ الشِّرْكِ فِي جَزِيْرَةِ العَرَبِ فَقَط، فَهُوَ دَلِيْلُ قُوَّةِ الإِسْلَامِ هُنَاكَ وَانْتِشَارِهِ فِيْهِ وَرُسُوْخِ قَدَمِ عُلَمَائِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنَ البُلْدَانِ. (6)

[1] وَقَرِيْبٌ مِنْهُ فِي الاسْتِدْلَالِ مَنْ يَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا؛ وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوْهَا). البُخَارِيُّ (3158)، وَمُسْلِمٌ (2961) عَنْ عَمْرو بْنِ عَوْفٍ مَرْفُوْعًا.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (211/ 3): (أي: عَلَى مَجْمُوْعِكُم، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ مِنَ البَعْضِ؛ أَعَاذَنَا اللهُ تَعَالَى).
[2] مُسْلِمٌ (2812).
(3) وَأَمَّا حَدِيْثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ - وَالَّذِيْ بَعَثَكَ بِالحَقِّ - إِنَّهُ لَيَعْتَرِضُ فِي صَدْرِي الشَّيْءُ؛ وَوَدِدْتُ أَنْ أَكُوْنَ حُمَمًا، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِيْ قَدْ يَئَّسَ الشَّيْطَانَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِالمُحَقَّرَاتِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ). فَهُوَ مُنْقَطِعٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيْرِ (172/ 20). انْظُرِ كِتَابَ (المَطَالِبُ العَالِيَةُ) (553/ 12) لِلحَافِظِ العَسْقَلَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ.
(4) وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُوْنَ} (العَنْكَبُوْت:45).
وَفِي الحَدِيْثِ (مِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ كَامِلَةً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي النِّصْفَ وَالثُّلُثَ وَالرُّبُعَ وَالخُمُسَ - حَتَّى بَلَغَ - العُشُرَ). حَسَنٌ. النَّسَائِيُّ فِي الكُبْرَى (616) عَنْ أَبِي اليَسَرِ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ (538).
(5) كَمَا فِي حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعًا (لَمَّا افتَتَحَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ؛ رَنَّ إِبْلِيْسُ رَنَّةً اجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ جُنُوْدُهُ، فَقَالَ: إيْأَسُوا أَنْ نَرَى أَمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى الشِّرْكِ بَعْدَ يَوْمِكُم هَذَا! وَلَكِنِ افْتِنُوْهُم فِي دِيْنِهِم، وَأَفْشُوا فِيْهِمُ النَّوْحَ). صَحِيْحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيْرِ (11/ 12). الصَّحِيْحَةُ (3467). فَالكَلَامُ إِذًا هُوَ بِاعْتِبَارِ الأُمَّةِ كُلِّهَا.
(6) وَقَدْ يَشْهَدُ لِهَذَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ (8810) فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا (إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ مِنْكُمْ بِمَا تَحْقِرُوْنَ). صَحِيْحٌ. الصَّحِيْحَةُ (2635). وَهَذَا الوَجْهُ الأَخِيْرُ - عِنْدِي - هُوَ مِنْ بَابِ إِلْزَامِ الخَصْمِ بِلَازِمِ بَاطِلِهِ، وَإِلَّا فَالأَوْلَى هُوَ مَا ذُكِرَ سَابِقًا. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست