responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 18
الشَّرْحُ
- هَذَا البَابُ أَرْفَعُ رُتْبَةً مِنَ البَابِ السَّابِقِ، فَإِنَّ فِيْهِ (مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيْدَ دَخَلَ الجَنَّةَ بِلَا حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ)، وَتَحْقِيْقُ التَّوْحِيْدِ هُوَ تَصْفِيَةُ التَّوْحِيْدِ وَالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ وَالبِدَعِ وَالمَعَاصِيْ.
فَلَا يُكْتَفَى فِيْهِ بِتَرْكِ شِرْكِ العُبُوْدِيَّةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ لَا يُشْرِكَ هَوَاهُ فِي الطَّاعَةِ، وَإِذَا أَشْرَكَ المَرْءُ هَوَاهُ أَتَى بِالبِدَعِ وَأَتَى بِالمَعْصِيَةِ، فَصَارَ نَفْيُ الشِّرْكِ هُنَا نَفْيًا لِلشِّرْكِ بِأَنْوَاعِهِ، وَنَفْيًا لِلبِدْعَةِ، وَنَفْيًا لِلمَعْصِيَةِ، وَهَذَا هُوَ تَحْقِيْقُ التَّوْحِيْد للهِ تَعَالَى. (1)
- قَوْلُهُ (لَا يَسْتَرْقُوْنَ): أَيْ: لَا يَطْلُبُوْنَ الرُّقْيَةَ، وَالطَّالِبُ لِلرُّقْيَةِ فِي قَلْبِهِ مَيْلٌ وَتَعَلُّقٌ بِالرَّاقِي حَتَّى يُرْفَعَ مَا بِهِ - أَيْ: مِنْ جِهَةِ السَّبَبِ -، وَهَذَا يُنَافِي كَمَالَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ. (2)
وِإِنَّ مَنْ تَرَكَ طَلَبَ الرُّقْيَةِ - الَّتِيْ هِيَ فِي أَصْلِهَا جَائِزَةٌ - مِنْ رَجُلٍ حَيٍّ حَاضِرٍ قَادِرٍ عَلَيْهَا؛ أَفَلَا يَكُوْنُ أَبْعَدَ عَنْ أَنْ يَطْلُبَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا اللهُ مِنْ غَيْرِ اللهِ مِنْ مَقْبُوْرٍ أَوْ غَائِبٍ؟! فَظَهَرَ بِذَلِكَ سِرُّ اسْتِحْبَابِ تَرْكِ الرُّقْيَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا مِنْ كَمَالِ التَّوْحِيْدِ المُسْتَحَبِّ.
- ذَكَرَ المُؤَلِّفُ فِي هَذَا البَابِ آيَتِيْنِ، وَمُنَاسَبَتُهُمَا لِلبَابِ الإِشَارَةُ إِلَى تَحْقِيْقِ التَّوْحِيْدِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُوْنُ إِلَّا بِانْتِفَاءِ الشِّرْكِ كُلِّهِ.
- فِي ذِكْرِ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيَانُ أَرْبَعِ صِفَاتٍ لَهُ، وَهِيَ:
1 - أَنَّهُ كَانَ إِمَامًا، فَهُوَ قُدْوَةٌ لِغَيْرِهِ فِي التَّوْحِيْدِ، فَقَدْ أَتَى بِكَمَالِ التَّوْحِيْدِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيْمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} (البَقَرَة:124)، وَقَوْلِهِ تَعَالَى {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيْمَ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ} (المُمْتَحَنَة:[4]).
2 - أَنَّهُ كَانَ قَانِتًا للهِ، أَيْ: دَائِمَ الطَّاعَةِ للهِ.
3 - أَنَّهُ كَانَ حَنِيْفًا [3]؛ أَيْ: مَائِلًا عَنْ سَبِيْلِ المُشْرِكِيْنَ؛ وَالَّذِيْ هُوَ الابْتِدَاعُ وَالقَوْلُ عَلَى اللهِ بِلَا عِلْمٍ.
4 - أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ المُشْرِكِيْنَ، فَهُوَ لَمْ يَجْعَلْ مَعَ اللهِ مَعْبُوْدًا آخَرَ. (4)
- لَا بُدَّ مِنَ العِلْمِ أَنَّ ثَنَاءَ اللهِ تَعَالَى عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ لَا يُقْصَدُ مِنْهُ مُجَرَّدُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُقْصَدُ بِهِ أَيْضًا مَحَبَّتُهُ، وَالاقْتِدَاءُ بِهِ.
- الحُمَةُ: بِضَمِّ الحَاءِ المُهْمَلَةِ وَتَخْفِيْفِ المِيْمِ: هِيَ سُمُّ العَقْرَبِ وَشَبَهُهَا.
- فِي عَرْضِ الأُمَمِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانُ فَضِيْلَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَثْرَةِ أَتْبَاعِهِ، وَأَيْضًا تَسْلِيَتُهُ فِي أَنَّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مَنْ لَمْ يَأْتِ مَعَهُ أَحَدٌ، وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَيْضًا نَاصِرُهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَخَذَلَهُ.
- حَدِيْثُ البَابَ جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِلَفْظِ (فَاسْتَزَدْتُ رَبِّي عَزَّوَجَلَّ فَزادَنِي مَعَ كلِّ واحِدٍ سَبْعِيْنَ ألْفًا). (5)

(1) بِتَصَرُّفٍ يَسِيْرٍ مِنْ كِتَابِ (التَّمْهِيْدُ) (ص38) لِلشَّيْخِ صَالِحِ آلِ الشَّيْخِ حَفِظَهُ اللهُ.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (جَامِعُ العُلُوْمِ وَالحِكَمِ) (397/ 2) - شَرْحُ حَدِيْثِ رَقَم (41) -: (فَجَمِيْعُ المَعَاصِي تَنْشَأُ مِنْ تَقْدِيْمِ هَوَى النُّفُوْسِ عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ المُشْرِكِيْنَ بِاتِّبَاعِ الهَوَى فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيْبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُوْنَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ} (القَصَص:64). وَكَذَلِكَ البِدَعُ؛ إِنَّمَا تَنْشَأُ مِنْ تَقْدِيْمِ الهَوَى عَلَى الشَّرْعِ، وَلِهَذَا يُسَمَّى أَهْلُهَا أَهْلَ الأَهْوَاءِ، وَكَذَلِكَ المَعَاصِي؛ إِنَّمَا تَقَعُ مِنْ تَقْدِيْمِ الهَوَى عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ وَمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ اللهُ).
(2) أَيْ: الكَمَالَ المُسْتَحَبَّ، وَهَذَا لَا يَأْثَمُ بِهِ صَاحِبُهُ؛ لَكِنَّهُ خِلَافُ الأَكْمَلِ.
[3] قَالَ فِي لِسَانِ العَرَبِ (57/ 9): (مَعْنَى الحَنِيْفِيَّةِ فِي اللُّغَةِ: المَيْلُ، وَالمَعْنَى: أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ حَنَفَ إِلَى دِيْنِ اللَّهِ وَدِيْنِ الإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا أُخِذَ الحَنَفُ مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ أَحْنَفُ وَرِجْلٌ حَنْفاءُ، وَهُوَ الَّذِيْ تَمِيْلُ قَدَمَاهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى أُخْتِهَا بِأَصَابِعِهَا).
[4] فَفِي الآيَةِ التَّنْبِيْهُ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَذَلِكَ لِكَوْنِهِ دَائِمَ الطَّاعَةِ للهِ تَعَالَى؛ مُوَافِقًا لِشِرْعَةِ رَبِّهِ؛ غَيْرَ مُشْرِكٍ بِهِ، وَإِنَّ التَّنْبِيْهَ عَلَى إِمَامَتِهِ هُوَ إِرْشَادٌ إِلَى تَمَامِ الدِّيْنِ بِذَلِكَ.
(5) صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (203/ 1). الصَّحِيْحَةُ (1484)، وَأَيْضًا عِنْدَ أَحْمَدَ (22303) وَغَيْرِهِ بِلَفْظٍ صَحِيْحٍ (مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُوْنَ أَلْفًا وَثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِن حَثَيَاتِ رَبِّي). الصَّحِيْحَةُ (1909).
نام کتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد نویسنده : نغوي، خلدون    جلد : 1  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست