responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 515
وَأَمَّا اخْتِلَافُ التَّضَادِّ، فَهُوَ الْقَوْلَانِ الْمُتَنَافِيَانِ، إِمَّا فِي الْأُصُولِ، وَإِمَّا فِي الْفُرُوعِ، عِنْدَ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ. وَالْخَطْبُ فِي هَذَا أَشَدُّ، لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ يَتَنَافَيَانِ، لَكِنْ نَجِدُ كَثِيرًا مِنْ هَؤُلَاءِ قَدْ يَكُونُ الْقَوْلُ الْبَاطِلُ الَّذِي مَعَ مُنَازِعِهِ فِيهِ حَقٌّ مَا، أَوْ مَعَهُ دَلِيلٌ يَقْتَضِي حَقًّا مَا، فَيَرُدُّ الْحَقَّ مَعَ الْبَاطِلِ، حَتَّى يَبْقَى هَذَا مُبْطِلًا فِي الْبَعْضِ، كَمَا كَانَ الْأَوَّلُ مُبْطِلًا فِي الْأَصْلِ، وَهَذَا يَجْرِي كَثِيرًا لِأَهْلِ السُّنَّةِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدْعَةِ، فَالْأَمْرُ فِيهِمْ ظَاهِرٌ. وَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ هداية ونورا رأى من هذا ما تبين لَهُ مَنْفَعَةَ مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْقُلُوبُ الصَّحِيحَةُ تُنْكِرُ هَذَا، لَكِنْ نُورٌ عَلَى نُورٍ.
وَالِاخْتِلَافُ الْأَوَّلُ، الَّذِي هُوَ اخْتِلَافُ التَّنَوُّعِ، الذَّمُّ فِيهِ وَاقِعٌ عَلَى مَنْ بَغَى عَلَى الْآخَرِ فِيهِ, وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى حَمْدِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، إِذَا لَمْ يَحْصُلُ بَغْيٌ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الْحَشْرِ: 5] , وَقَدْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فِي قَطْعِ الْأَشْجَارِ، فَقَطَعَ قَوْمٌ، وترك آخرون. وكما في قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ، فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الْأَنْبِيَاءِ: 78, 79]، فَخَصَّ سُلَيْمَانَ بِالْفَهْمِ وَأَثْنَى عَلَيْهِمَا بِالْحُكْمِ وَالْعِلْمِ. وَكَمَا فِي إِقْرَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ[1] لِمَنْ صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا، وَلِمَنْ أَخَّرَهَا إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ[1], وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: "إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فله أجر" [2].
وَالِاخْتِلَافُ الثَّانِي، هُوَ مَا حُمِدَ فِيهِ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَذُمَّتِ الْأُخْرَى، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} [البقرة: 253]. وقوله تعالى:

[1] البخاري ومسلم عن ابن عمر.
[2] البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم عن حديث أبي هريرة وعمرو بن العاص.
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 515
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست