responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإيمان بالقدر نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 136
3 ـ التوفيق بين القدر الأزلي واختيار الهدى والضلال:
ومن مراجعة مجموعة النصوص التي تذكر الهدى والضلال، والتنسيق بين مدلولاتها جميعاً، يخلص لنا طريق واحد بعيد عن ذلك الجدل الذي أثاره المتكلمون من الفرق الإسلامية والذي أثاره اللاهوت المسيحي والفلسفات المتعددة حول قضية القضاء والقدر عموماً: إن مشيئة الله سبحانه التي يجري بها قدره في الكائن الإنساني هي أن يخلق هذا الكائن باستعداد مزدوج للهدى والضلال، وذلك مع إيداع فطرته إدراك حقيقة الربوبية الواحدة والاتجاه إليها، ومع إعطائه العقل المميز للضلال والهدى، ومع إرسال الرسل بالبينات لآيقاظ الفطرة إذا تعطلت وهداية العقل إذا ضل .. ولكن يبقى بعد ذلك كله ذلك الاستعداد المزدوج للهدى والضلال الذي خلق الإنسان به، وفق مشيئة الله التي جرى بها قدره، كذلك اقتضت هذه المشيئة أن يجري قدر الله بهداية من يجاهد للهدى، وأن يجري قدر الله كذلك لإضلال من لا يستخدم ما أودعه الله من عقل، وما أعطاه من أجهزة الرؤيا والسمع في إدراك الآيات المبثوثة في صفحات الكون، وفي رسالات الرسل، الموحية للهدى، وفي كل الحالات تتحقق مشيئة الله ولا يتحقق سواها، ويقع ما يقع بقدر الله لا بقول سواه، وما كان الأمر ليكون هكذا إلا أن الله شاء هكذا، وما كان شئ ليقع إلا أن يوقعه قدر الله، فليس في هذا الوجود مشيئة أخرى تجري وفقها الأمور، كما أنه ليس هناك قوة إلا بقدر الله ينشئ الأحداث .. وفي إطار هذه الحقيقة الكبرى يتحرك الإنسان بنفسه، ويقع له ما يقع من الهدى والضلال أيضاً، وهذا هو التصور الإسلامي الي تنشئه مجموعة النصوص القرآنية مقارنة متناسقة، حين لا تؤخذ فرادى وفق أهواء الفرق والنحل، وحين لا يوضع بعضها في مواجهة البعض الآخر، على سبيل الإحتجاج أو الجدل [1].

[1] في ظلال القرآن (3/ 1400).
نام کتاب : الإيمان بالقدر نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست