responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة المذاهب الفكرية المعاصرة - الدرر السنية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 290
فقد صادف دعاة القومية في بناء قومياتهم على الأرض المشتركة متاعب وتناقضات جمة وذلك أن الذين يتكلمون لغة واحدة وفوق أرض واحدة ليس بالضرورة أن يكونوا كلهم من جنس واحد وعلى لغة واحدة من البداية إلى النهاية في أي أرض فقد تنشأ لغة جديدة في بلد وتنتهي عن بلد لأمور كثيرة اعتقادية أو سياسية إذ لا يمكن لأي أمة أن تدعي أنه لا يوجد لأي شخص بينهم انتماء إلى غيرهم ومن الأمثلة القريبة على ذلك الأمة العربية قبل الإسلام وبعده إذ أنه قبل الإسلام كانت الأرض العربية هي شبه الجزيرة ولكن بعد مجيء الإسلام دخلت أمم أخرى في الإسلام وحين أن الإسلام لا يشعر أحد بأنه غريب عنه وأن الأرض كلها مخلوقة لأجله فقد دخلت تلك الأمم في الإسلام وأحبوه وأحبوا لغته وصارت هي اللغة الأساسية بينهم كمصر والمغرب وغيرهما من البلدان التي أصبحت عربية تعتز بدينها ولغتها فهل يقال أن الأرض هي التي وحدت بينهم وبين سائر إخوانهم العرب المسلمين إن قالوا هذا فقد ظهر كذبهم وإن قالوا إنه الإسلام فقد قالوا بالحقيقة التي تناقض دعواهم صلاحية التجمع القومي على الأرض بدلا عن الإسلام.
بل كان الجاهليون العرب أفقر منهم لأن هؤلاء ما كانوا ينادون لا بالقومية العربية ولا بالتحزب والتعصب لها وحينما جاء الإسلام لم يذمهم على عدم شعورهم بأنهم على أرض العروبة وإنما أخذ بأيديهم إلى ما فيه صلاحهم وعزهم وهو الشعور بالفخر بالإسلام وتعاليمه وأن العرب قد جاءهم ما يحفظ وحدتهم في اللغة والأرض والتاريخ وسائر الاتجاهات فكانوا في جهادهم يدعون الناس إلى الدخول في الإسلام لا إلى الإنضمام إلى العربية أو إلى شبه الجزيرة العربية.
ولو أن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت موجهة من أول يوم إلى التعصب للعروبة والقومية وما إلى ذلك لسارع كل العرب إلى الالتزام بذلك والترحيب بها بسبب ما كانوا يحسون به من ضعف عام وتشتت وتمزق في الآراء والأفكار والأنظمة.
فكانوا في حاجة إلى أي شخص يتزعمهم على أي نعرة جاهلية ليحققوا به مبادئهم انصر أخاك ظالما أو مظلوما. وليحققوا به شيم النفوس حينما توغل في الظلم كما قال شاعرهم:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعله لا يظلم
فكانوا لا ينقصهم إلا الشخصية المؤهلة لتتزعمهم، لأن الشجاعة موجودة والإحساس بالفوضى في حياتهم موجود وكذا الإحساس بالظلم الفادح بل إن الإحساس ببعدهم عن ربهم كان موجودا وما عبادتهم للأصنام إلا لتقربهم إلى الله زلفى بشفاعتها لهم لشعورهم بالذنوب والتقصير في جنب الله تعالى وكثير منهم كان يعلم أن شريعة "من عز بز ومن غلب استلب" ليست هي الطريق الصحيح وأن ما هم فيه من الذل لغيرهم والفقر الشديد والحروب المستعرة.
وأحيانا على بكر أخينا إذ ما لم نجد إلا أخانا
كانوا يشعرون بأنها أوضاع فاسدة لا يمكن أن تصلحها لا القومية ولا الوطنية ولا سائر النعرات الجاهلية. وإنما يصلحها أمر لا يمكن أن يأتي من قبل الإنسان الظلوم الجهول وحينما عرفوا الإسلام وجدوا الحقيقة التي كانت تنقصهم ولا يعرفون الطريق إليها.
¤المذاهب الفكرية المعاصرة لغالب عواجي 2/ 942

نام کتاب : موسوعة المذاهب الفكرية المعاصرة - الدرر السنية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست