responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 1  صفحه : 446
يُوجَدْ مِيرَاثٌ؛ فَخَصَّصَهَا الشَّرْعُ بِبَعْضِ الْمَالِ؛ بِخِلَافِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ يُنْشِئُهُ بِمَقَاصِدَ صَحِيحَةٍ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، بَيِّنَةِ الْمَنَاحِي فِي كُلِّ حَالٍ؛ يَعُمُّ تَعَلُّقُهَا بِالْمَالِ كُلِّهِ. وَلَمَّا قَامَ الدَّلِيلُ وَظَهَرَ الْمَعْنَى فِي تَخْصِيصِ الْوَصِيَّةِ بِبَعْضِ الْمَالِ قَدَّرَتْ ذَلِكَ الشَّرِيعَةُ بِالثُّلُثِ، وَبَيَّنَتْ الْمَعْنَى الْمُشَارَ إلَيْهِ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ سَعْدٍ؛ «قَالَ سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِي مَالٌ وَلَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ لِي، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي الْحَدِيثُ، إلَى أَنْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ». فَظَهَرَتْ الْمَسْأَلَةُ قَوْلًا وَمَعْنًى وَتَبَيَّنَتْ حِكْمَةً وَحُكْمًا.

[مَسْأَلَةٌ تَقْدِيمِ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ عَلَى الْمِيرَاثِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَقْدِيمَ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ تَعَلَّقَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فِي تَقْدِيمِ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ عَلَى الْمِيرَاثِ، فَقَالَ: إنَّ الرَّجُلَ إذَا فَرَّطَ فِي زَكَاتِهِ وَحَجِّهِ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: إنْ أَوْصَى بِهَا أُدِّيَتْ مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِنْ سَكَتَ عَنْهَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ شَيْءٌ. وَتَعَلُّقُ الشَّافِعِيُّ ظَاهِرٌ بِبَادِئِ الرَّأْيِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ؛ فَلَزِمَ أَدَاؤُهُ عَنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، لَا سِيَّمَا وَالزَّكَاةُ مَصْرِفُهَا إلَى الْآدَمِيِّ وَمُتَعَلَّقُ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ إسْقَاطَ الزَّكَاةِ أَوْ تَرْكَ الْوَرَثَةِ فُقَرَاءَ، لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ تَرْكَ الْكُلِّ، حَتَّى إذَا مَاتَ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ جَمِيعَ مَالِهِ؛ فَلَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ حَقٌّ؛ فَكَانَ هَذَا قَصْدًا بَاطِلًا فِي حَقِّ عِبَادَاتِهِ وَحَقِّ وَرَثَتِهِ؛ وَكُلُّ مَنْ قَصَدَ بَاطِلًا فِي الشَّرِيعَةِ نُقِضَ عَلَيْهِ قَصْدُهُ، تَحَقَّقَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ اُتُّهِمَ بِهِ إذَا ظَهَرَتْ عَلَامَتُهُ، كَمَا قَضَيْنَا بِحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ لِلْقَاتِلِ، وَقَدْ مَهَّدْنَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 1  صفحه : 446
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست